مرور نصف قرن على مأساة إنسانية بطلها النظام الجزائري ..حُزن عميق يسائل الضمائر العالمية الحية
بقلم :عبد العزيز حيون
مرت علينا قبل أيام ذكرى سيئة تؤرخ لمرور خمسين سنة على الجريمة الشنعاء التي ارتكبها النظام الجزائري في حق 45 ألف مغربي ومغربية ،وهي الواقعة المأساوية التي لم ير مثلها العالم قط،دون احترام لأبسط القيم الدينية والاجتماعية والدينية ..ولازال حزنها العميق يسائل الضمائر العالمية الحية .
النظام الجزائري تَصَرف بوحشية فاقت وحشية النازية والفاشية والأنظمة الشمولية التي كتب عنها التاريخ بمداد من دم بريئ على بُعد أيام قليلة من عيد الأضحى، وتم طرد وتجريد عوائل بالآلاف من ممتلكاتهم وتشتيت الأسر وحرمان الأبناء من آبائهم والأحفاد من أجدادهم والنساء من أزواجهم والرجال من زوجاتهم ،فقط لكونهم مغاربة أحرار ،في فعل دنيئ حاول نظام هواري بومدين وقتها الرد على تنظيم المغرب المسيرة الخضراء ،التي شارك فيها ،بفخر واعتزاز ووطنية صادقة ، ما يصل إلى 350 ألف مغربي.
وإذا كان الأحياء المطرودون لازالوا يحسون بالأسى الشديد والكرب والظلم والغيض ويترافعون من أجل نيل حقوقهم المهضومة ويطالبون السلطات الجزائرية برد الاعتبار إليهم ، المعنوي قبل المادي مقابل تعنت السلطات الجزائرية ، فإن الأموات منهم انتقلوا الى جوار ربهم وفي حلقهم غصة وشردقة لا يعلمها الا الله ،الذي حَرمَ الظلم على نفسه ووعد بنصر المظلومين .
فعلةُ الجزائريين قبل نصف قرن بالتمام والكمال لازال جرحها لم يندمل ،ولازال ألمها النفسي عميق وصدمتها مستمرة لخيانة الجزائريين العهد وإهانتهم لمغاربة ساهموا مع أبنائهم في تحرير الجزائر من الاستعمار ،وساهموا في بناء أسس الدولة التي استقلت لتوها وغطوا حاجتها من الكفاءات واليد العاملة يترافع الكثير منهم وطنيا ودوليا من أجل استرجاع حقوقهم تقوضت بسبب جريمة ضد الإنسانية ارتكبها نظام جزائري و لم يذكر التاريخ مثيلا لها في العصر الحديث .
لا أدري كيف ينام مسؤولو الجزائر الى اليوم وبالهم مرتاح بعد اقترافهم حدثا كارثيا نَتَج عنه تهجير قسري جماعي لمئات الآلاف من المغاربة، أدى إلى تفكك أسر ومصادرة الممتلكات المنقولة وغير المنقولة دون تعويض عادل الى اليوم ، و تسبب في معاناة إنسانية شديدة ، خاصة للأطفال والنساء وكبار السن ،بدون رحمة ولا شفقة ولا تأنيب الضمير .
ونُسلط الضوء على هذه المناسبة الأليمة ليس لإثارة مَواجع المظلومين والمتضررين وهم بالآلاف ،بل لمحاسبة ضمير أخلاقي جزائري غائب وبوصلة إنسانية لا تحمل من القيم الإنسانية الا الإسم ،ونحن لا نستوعب كيف يستمر هؤلاء في العيش بضمير ميت ويرفعون شعارات فارغة المحتوى لا تنطلي على أحد ولا يثق بها إلا من يرددها لإرضاء عقد باطنية مزاجية لا تشفى بسبب الخُبث والحقد الدفين ومشاعر الكراهية والضغينة المختزنة في قلوب عليلة .


