مشروع مالية 2026: استثمارات قياسية وإصلاحات كبرى لنهضة اقتصادية شاملة
قدمت المذكرة التوجيهية لمشروع قانون المالية لسنة 2026 الخطوط العريضة لأولويات الحكومة في المرحلة المقبلة، انسجاماً مع التوجيهات الملكية السامية الواردة في خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لعيد العرش. ويهدف المشروع إلى تعزيز إقلاع اقتصادي متين، وتحقيق عدالة اجتماعية ومجالية، عبر تعبئة مختلف روافع الاستثمار والنمو والإصلاحات الكبرى، بما يضمن تنافسية المملكة واستدامة مسارها التنموي.
ويراهن المشروع على دينامية استثمارية غير مسبوقة، تشمل توسيع أسطول الخطوط الملكية المغربية بكلفة 160 مليار درهم، وإنجاز خط القطار فائق السرعة بين القنيطرة ومراكش بـ96 مليار درهم، وتحديث المطارات بـ25 مليار درهم، إضافة إلى مشاريع طاقية كبرى في مجالي الغاز والهيدروجين الأخضر. وتندرج هذه الاستثمارات في سياق استقطاب متزايد للاستثمارات الأجنبية، التي ارتفعت بنسبة 28% إلى غاية منتصف 2025، وتعزيز مكانة المغرب في سلاسل القيمة العالمية.
ويولي مشروع قانون المالية لسنة 2026 أهمية قصوى لتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، من خلال برامج متكاملة للنهوض بالتعليم والتكوين والتشغيل والصحة. وتشمل هذه البرامج تعميم “مدارس الريادة” على 1,3 مليون تلميذ، وتوسيع “مدارس الفرصة الثانية” لمحاربة الهدر المدرسي، وافتتاح مدن جديدة للمهن والكفاءات، وتنزيل المخطط الوطني لتسريع تحول منظومة التعليم العالي والبحث العلمي. كما يهدف المشروع إلى خفض معدل البطالة إلى 9% في أفق 2030، واستكمال تأهيل 1.400 مؤسسة صحية، وإطلاق مشاريع كبرى لتأمين الموارد المائية، منها إنشاء سدين جديدين وتوسيع قدرات تحلية مياه البحر لتلبية نصف الحاجيات الوطنية بحلول 2030.
وفي المجال الاجتماعي، يشكل تعميم الدعم المباشر وتوسيع التغطية الصحية والولوج إلى السكن محاور رئيسية، حيث يستفيد حالياً نحو 4 ملايين أسرة من برامج الدعم، فيما بلغ معدل التغطية الصحية 88% من السكان. كما حققت برامج محاربة السكن غير اللائق تقدماً ملحوظاً بإعلان 62 مدينة خالية من دور الصفيح، إضافة إلى تخصيص 14,5 مليار درهم لإعادة إعمار المناطق المتضررة من زلزال الحوز. ويعزز المشروع القدرة الشرائية للأسر من خلال الحوار الاجتماعي، ومراجعة الضريبة على الدخل، والرفع من الحد الأدنى للأجور.
كما يواكب المشروع إصلاحات هيكلية لتحديث الإدارة العمومية، وتبسيط ورقمنة المساطر، وتعزيز القرب من المواطنين، إلى جانب تطوير المنظومة القضائية، وإدماج العقوبات البديلة، وتثمين اللغة الأمازيغية. ويشمل ذلك مراجعة القانون التنظيمي لقانون المالية لتوسيع نطاقه وضبط المديونية، بما يعزز الحكامة الميزانياتية واستدامة المالية العمومية.
وتتوقع المؤشرات الاقتصادية لسنة 2026 نمواً للناتج الداخلي الخام بنسبة 4,5%، وانخفاض عجز الميزانية إلى 3%، واستقرار معدل المديونية عند 65,8% من الناتج الداخلي الخام، مع الحفاظ على معدل تضخم دون 2%. وتؤكد هذه الأرقام توجه المغرب نحو ترسيخ مكانته كاقتصاد صاعد، قادر على تحقيق التوازن بين متطلبات الإقلاع الاقتصادي وضمان العدالة الاجتماعية والمجالية.