يوسف شبعة :”مشاهد من طنجة”
المشهد1:
نفس القصة التي وقعت لجحا مع ابنه تتكرر اليوم، القصة المشهورة لماذا لا يركب الأب فوق الحمار في حين يتبعه ابنه من خلفه احتراما لمقام الأب، ورأي آخر يرى من الأولى للطفل أن يركب فوق بردعية الحمار لصغره وما على الأب إلا المشي بجواره حتى لا يسقط، أما مشيهما معا من خلف الحمار فكان ضربا من الجنون عند كل من صادفهما في طريقهما، ما وقع لجحا نشهده اليوم في الطرقات والحدائق العامة ولكن بصيغة الكمامة وليس الحمار.
في الطريق وبالأسواق يتناهى إلى سمعك حديث ثنائي، من قبيل قصة جحا، كان الأولى أن يضع الأب الكمامة ويحمل صغيره، يوشوش الآخر في أذن صديقه، أرى أن الطفل أولى من الكمامة من والده بحجة أن مناعته ضعيفة، رغم أن تقارير منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن فيروس كورونا يصيب الكبار أكثر من الأطفال، يبقى الرأي الثالث أن عدم التزام الأب وابنه بالكمامة ضرب من الحمق الذي لا يصلح معه علاج
المشهد2:
باشرت السلطات الأمنية، حملة صارمة على المخالفين لقواعد الحجر الصحي، دون تمييز بين جحا وابنه وحمارهما، يتأسف المرء حقا على غياب هذا الحرص الشديد بالضرب بيد من حديد على المستهترين بارتداء الكمامة، وهم في الغالب من المشككين بداء اسمه فيروس كورونا، وهم أيضا أصحاب الجملة المشهورة التي تلقفتها الألسن وانتشرت كعدوى فيروس كورونا بعد الرفع التدريجي من الحجر الصحي ” واش كا تعرف شي واحد جاتو كورونا”
فهل أحست السلطات بتأنيب الضمير الذي اقترفته مع بداية الحجر الصحي، حيث كانت الحملات الأمنية غالبا ما تبدأ مع الساعة السادسة مساء، ولكن رغم ذلك يبقى السؤال المطروح، هل الحملات على باركينغ مرقالة عفوا على المخالفين لارتداء الكمامة، ستقتصر فقط بالشوارع والحدائق العمومية أم ستنتقل إلى داخل المؤسسات العمومية، فمثلا غالبية مرتادي مستشفى محمد الخامس لا يلتزمون بارتداء الكمامات بمن فيهم الأطباء والممرضين وربما يكون هذا هو سبب تحول المستشفى إلى بؤرة وبائية
المشهد3:
تعمدت الذهاب للصلاة بجامع “للاعبلة” بميناء المدينة في أول يوم من رفع قيود الصلاة بالمساجد بدون سجادة، لا لشيء فقط لألمس أو لأكون شاهدا على مدى مطابقة ما يتم تداوله من الشروط التي أقرتها وزارة أحمد توفيق لفتح المساجد مع الواقع
بباب المسجد وجدت كتيبة أمنية مدججة بالسلاح من رجال الأمن ( بلباس رسمي و مدني) والقوات المساعدة إضافة للمشرف على المسجد ورجل محسوب على الأوقاف راح يعبث بمسدس الحرارة يكتشف أزراره، بعد أن قاس حرارة المصلين التي تسمح بولوجهم المسجد.
أشهر رجل الأوقاف المسدس الحراري في وجهي بفظاظة، بعد أن تبين له أنني لم أستوف شروط الصلاة بالمسجد ألا وهي السجادة التي أقرتها وزارة احمد التوفيق كركن سادس من أركان الإسلام، مع العلم أنني أرتدي الكمامة
دخلت في نقاش مع رجل الأوقاف، صاحب المسدس، بعدم جدوى السجادة لمن يستعمل الكمامة وأن خرقة الوجه كفيلة بصد انتقال العدوى، فكان رده من قبيل ” ولو طارت معزة” ومن حسن حظي أنه لا يملك مسدسا حقيقا لكان أنهى شأفتي
يبقى السؤال إلى متى سيبقى رجال أحمد توفيق بكل هذه الصرامة مرابطين ضد تسلل العدو كرونا إلى المساجد