تأخر الإدارات العمومية في أداء مستحقاتها يهدد المقاولات الصغرى
“يتعين على الإدارات العمومية، وخاصة الجماعات الترابية، أن تقوم بأداء ما بذمتها من مستحقات تجاه المقاولات، ذلك أن أي تأخير قد يؤدي إلى إفلاسها، مع ما يتبع ذلك من فقدان العديد من مناصب الشغل.
فكيف نريد أن نعطي المثال، إذا كانت إدارات ومؤسسات الدولة لا تحترم التزاماتها في هذا الشأن”.
مقتطف من الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الخامسة والستين لثورة الملك والشعب سنة 2018.
مرت سنتان تقريبا على مصادقة البرلمان على القانون رقم 69.21 المتعلق بمدونة التجارة والذي يهدف إلى الحد من طول آجال الأداء، والهيئة المغربية للمقاولات الصغرى، تتابع عن كثب مدى التزام الإدارات والمؤسسات العمومية، بتنفيذ مقتضيات القانون المشار إليه.
ورغم زخم النصوص القانونية، والتراكم التشريعي في هذا الباب، وكذا إحداث مرصد آجال الأداء، لتتبع مدى تقيد المؤسسات والمقاولات العموميةبتنفيذه وحسن تطبيقه في معاملاتها المالية، إلا أن هذه الفترة عرفت تجاوبا جد محدود، لم ينعكس إيجابا على مناخ الأعمال.
وخلال الشهور الأخيرة، تلقت الهيئة شكاوى عديدة من أرباب مقاولات صغرى وصغيرة جدا، يشتكون فيها من البطء الشديد في أداء مستحقاتهامن طرف بعض الإدارات و المؤسسات العمومية وذلك بعد مرور شهور من توريد الخدمات أو المشتريات، حيث تواجههم عراقيل وإجراءات معقدة في مسطرة الأداء، مما يؤثر سلبا على السيولة المالية للمقاولات.
وعوض تحفيزهم على نمو أنشطتهم المقاولاتية، فإن بطء الأداء يهدد وجود المقاولات الصغرى ويجعلها معرضة لتراكم الديون ومخاطر الإفلاس.
وضربا بكل التشريعات القانونية والتوجيهات الملكية السامية في خطاب 20 غشت 2018، فإن الهيئة المغربية للمقاولات الصغرى، ما زالت تسجل التأخر غير المُبرر للإدارات والمؤسسات العمومية، والجماعات الترابية، والغُرف المهنية، مما يؤدي بشكل مُباشر إلى تهديد المقاولات الصغرى والصغيرة جدابالإفلاس، مع ما يتبع ذلك من فقدان مناصب الشغل.
وعلى ضوء هاته المعطيات المُقلقة تعلن “الهيئة المغربية للمقاولات الصغرى“ما يلي:
أولا: نطالب السيد رئيس الحكومة، بدعم المقاولات الصغرى، عبر إلزام المؤسسات العمومية والجماعات الترابية والغرف المهنية، المخلة بالتزاماتها تجاه الدائنين، باحترام التشريعات القانونية المحددة لآجال الأداء، والسهر على تفعيلها الأمثل.
.ثانيا: نثمن إقدام وزارة الاقتصاد والمالية على نشر معطيات مفصلة حول المؤسسات والمقاولات العمومية التي صرحت بأطول أجل أداء، والتي لم تدل بآجال أدائها، وكذا التي لا تعالج شكايات الموردين عبر المنصة الإلكترونية آجال. و في هذا السياق ندعو لعدم الاقتصار على آلية نشر اللوائح المشار إليها، وتفعيل
مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة مع المدراء والآمرين بالصرف في المؤسسات والمقاولات العمومية المخلة بالتزاماتها المالية تجاه المقاولات المتعاملة معها.
ثالثا: ندعو رئيس مرصد آجال الأداء إلى توسيع التمثيلية داخل مجلس إدارة المرصد لتشمل الهيئات المهنية الممثلة للمقاولات الصغرى و ذلك انسجاما مع مقتضيات المادة الثانية من المرسوم رقم 2.17.696 الصادر في11 من ربيع الأول 1439 (30 نوفمبر 2017) بتحديد كيفيات سير مرصدآجال الأداء وتأليفه.
رابعا: نلتمس من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إجراء دراسة تشخيصية حول تأخر مؤسسات الدولة في الأداء. وإصدار توصيات بهذا الشأن.
خامسا: نطالب بإحداث آلية “الرقم الأخضر“ للتبليغ عن التأخر غير المُبرر في آجال الأداء، حفاظا على حقوق المقاولة، و ضمانا لاستدامة مناصبالشغل، وتحسينا لمناخ الاستثمار.
سادسا: ندعو إلى خلق صندوق ضمان أو إحداث خطوط تمويل بنكية خاصة بالمقاولات الدائنة للدولة لتتمكن من أداء نفقات تسييرها وتجنب إعلانها الإفلاس، مقابل تقديم الوثائق الإدارية المؤكدة لإتمامها الإجراءات القانونية لاستخلاص ديونها من الإدارة أو المؤسسة العمومية (مثلا: وصل التوصل بالمشتريات أو محضر تسلم الخدمات) كضمانة إثبات للحصول على التمويل اللازم أو تسهيلات الصندوق.
وفي الختام تؤكد “الهيئة المغربية للمقاولات الصغرى” حرصها الدائم على الترافع على مصلحة المقاولات الصغيرة، إزاء العراقيل الملموسة التي تواجهها في مساراتها الإنتاجية، كما تؤكد استعدادها فتح باب التشاور والشراكة معالجهات المعنية للوقوف على مكامن الخلل والعمل على تطوير وتحسين مساطر الأداء.