لقد كشفت الموجة الأولى من جائحة كورونا على المستوى المحلي جملة من العيوب بالعديد من القطاعات الحيوية، فضلا عن الارتجالية في اتخاذ القرارات المصيرية التي تهم الحياة اليومية للمواطنين. سيما بعد الرفع التدريجي للحجر الصحي الذي انعكس على الحالة الوبائية بالمدينة نتيجة عدة عوامل موضوعية و ذاتية متعلقة بتراخي الجميع، سواء السلطات المحلية أو المواطنين، في التقيد ببعض التدابير الاحترازية للحدمن تفشي هذا الوباء بالوثيرة المسجلة اليوم.
و نحن على أبواب نهاية فصل الصيف و حلول فصل الخريف و ما يتم الترويج له من كون الموجة الثانية للفيروس على الأبواب و فشل المدينة في الانتقال إلى المنطقة 1 أسوة ببعض المدن الأخرى، فإننا ارتأينا في الجريدة تقييم هذه التجربة بحسناتها و سلبياتها من خلال إشراك بعض المواطنين، من شرائح مختلفة، للوقوف على الدروس و العبر التي يمكن استخلاصها من الموجة الأولى لهذا الفيروس على العديد من المستويات حتى لا نرتكب نفس الأخطاء التي ستكلفنا الكثير.
و تبعا لذلك فإن أغلبية الآراء قد أجمعت على كون الجائحة قد عرت على حقائق صادمة و فتحت من جديد نقاشا بناءا أثمر عن انتشار بعض الوعي بين صفوف المواطنين برفع سقف مطالبهم من ما هو تافه إلى ما هو أولوي، كان مغيبا عن البرامج الحكومية لعقود طويلة، و المتعلق أساسا بتأهيل قطاعي الصحة و التعليم حتى يرقيان إلى تطلعات الساكنة و إلى مستوى طنجة الكبرى التي أغفل مهندسوها الشق الصحي في المشاريع المنجزة، فضلا عن مسالة التضامن الاجتماعي من خلال إحداث صندوق كوفيد19 لدعم المتضررين من فقدان عملهم سواء في القطاع المهيكل أوغير المهيكل.
الأربعيني جواد (نادل بقاعة شاي) أدرك خلال فترة حالة الطوارئ الصحية أن الوطن للأغنياء و الوطنية للفقراء، و ذلك من خلال التزامهم (أي الفقراء) دون غيرهم بتطبيق تدابير الحجر الصحي من ألفه إلى ياءه. و بالتالي فقد فقد الأغلبية لعملهم في القطاعات المهيكلة وغير المهيكلة مقابل حرمانهم من الدعم المادي المخصص للفئات الهشة، الأمر الذي حدا بالبعض إلى خرق هذه التدابير بحثا عن لقمة عيش لأسرته التي باتت معرضة للمصير المجهول، في ظل التخبط الواضح الذي ميز تعامل السلطات المحلية مع أزمة كورونا، في قطع الأرزاق على البعض دون البعض الأخر.
نعيمة (تشتغل بالقطاع الخاص) تؤكد أن الجائحة قد كشفت عن جشع أرباب مؤسسات التعليم الخصوصي و استسلام الوزارة الوصية على القطاع العام لهذا اللوبي من خلال الحرص التام على الدفاع عن مصالحه و امتيازاته دون إجباره من أجل التراجع عن مطالبته للآباء بتسديد ما بذمتهم من أشهر الحجر الصحي،رغم أن التلاميذ قد تم تلقينهم الدروس عن بعد و ما اعترى هذه الطريقة البيداغوجية من عيوب باعتراف معظم الآباء الذين تحولوا إلى مدرسين رغما عن انفهم.
الثلاثيني جمال بدوره أكد أن العبرة التي يمكن استخلاصها من أزمة كورونا مستقبلا هي ضرورة استمرار و تطوير تجربة التعليم عن بعد حتى تساهم بفعالية في تطوير الأداء التربوي بالمغرب، دون إغفال قضية دمج التعليم الخصوصي في التعليم العمومي و تجويده، و العمل على تزويد التلاميذ بالحواسيب المحمولة مع مجانية الولوج إلى المواقع التربوية.
عبدالرحبم اعتبر أنه يمكن استثمار هذه الجائحة مستقبلا بالتخلي التدريجي عن التدبير الكلاسيكي بمختلف الإداراتالعمومية من خلال تطوير و تحسين خدمات المرافق العمومية في الأمور الضرورية عبر تطبيقات رقمية تتيح التعامل عند بعد.
نورة (مهندسة معلوماتية) ترى أن هناك عدة دروس لقنتها لنا كورونا، و على رأسها وجوب الاهتمام بقطاع الصحة و خصوصا الأطباء و الممرضين و الوحدات الاستشفائية، مع قطع الصلة التامة مع المهرجانات التافهة و تحويل ميزانيتها إلى البحث العلمي و التكنولوجي لتشجيع الطلبة الباحثين، مع تفعيل مسطرة ربط المسؤولية بالمحاسبة و عدم الاكتفاء بالشعارات فقط.
عبدالجليل (مدير علاقات عامة بمؤسسة بنكية) من خلال تجربته المتواضعة في فترة الموجة الأولى لفيروس كورونا فقد خلص إلىهذه التساؤلات ألا وهي: هل فعلا سوف يستوعب المسؤولونالدرس و خاصة رؤساء الجماعات الترابية و المسؤولين الترابيين؟ و هل سيمرون إلى السرعة القصوى؟ أم أن مرحلة كورونا سوف تبقى مجرد سحابة صيف عابرة، و تعود بعدها ريم إلى عادتها القديمة من فساد و نهب و تلاعبات بالمصلحة العامة من أجل تحقيق المصالح الشخصية ؟
منال (صاحبة محل للمكملات الصحية) تقول أن أبرز ما ترتب عنأزمة كورونا أن الناس أصبحوا أكثر اهتماما بصحتهم من خلال تعقيم أطرافهم و الحرص على ترك المسافات فيما بينهم و ارتداء الكمامة و تناول الأطعمة الصحية بدل الوجبات السريعة التي كان الناس يدمنون عليها. هذا الأمر يعني (حسب المتحدثة ذاتها)أننا بسبب عدم وجود اللقاح الذي سيخلصنا من الفيروس لجأنا لجهازنا المناعي الذي كان المستفيد الأكبر من الإجراءات التي تم اتخاذها.
عمر (ناشط حقوقي) يشدد على كون أن هذا الوباء قد أسقط آخرورقة التوت عن عورة المنظومة الصحية بمدينتنا المليوينة التي عجزت عن مسايرة الإيقاع المرتفع لحالات الإصابات و الوفيات. ناهيك عن فشل السلطات المحلية في احتواء تفشي الوباء من خلال قراراتها الارتجالية و العشوائية و غير المدروسة، بدءا من فتح المناطق الصناعية(مصدر تفشي الوباء) و مرورا بعدم إلغاء شعيرة عيد الأضحى (وما ترتب عنها من نتائج عكسية) و أخيرا و ليس آخرا بإغلاق الشواطئ في وجه المواطنين.