طنجة تحتضن تقديم التقرير السنوي للبنك الدولي حول التنمية العالمية 2023
طنجة : عبد السلام اندلوسي
أكد بوشتى المومني، أن “اختيار مدينة طنجة لتقديم تقريرالتنمية العالمية 2023 يؤكد الدور الرئيس الذي تواصل المملكة المغربية لعبه كدولة تدير ديناميات الهجرة على مختلف المستويات مع سياسات فعالة وبالحكمة المطلوبة لإعادة تعريف حركات الهجرة على مستوى الكوكب على أنها فرص للعبور وكذلك البلدان المستقبلة”.
وثمن رئيس جامعة عبد المالك السعدي في كلمة افتتاحية، زوال يوم الأربعاء 10 ماي الجاري بكلية الطب والصيدلة، بمناسبة تقديم البنك الدولي لتقرير التنمية العالمية 2023 حول المهاجرين واللاجئين والمجتمعات، اختيار مدينة طنجة العالمية التي، مثلما قال،” امتدت على مدار العشرين عامًا الماضية، برؤية صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، لتتحول إلى مركز اقتصادي وصناعي وثقافي على مستوى القارة الإفريقية”.
ودعا بوشتى المومني في هذا اللقاء الذي تم تنظيمه بالتعاون بين البنك الدولي و وزارة الاقتصاد والمالية وجامعة عبد المالك السعدي، والذي يحمل علامة الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي-صندوق النقد الدوليWBG-IMF” إلى ضرورة ” العمل بجد لتطوير مثل هذه الرؤية المطلوبة لتجويد حركات الهجرة مثل المعاملات الدائرية” أو ما وصفه ب” معاملات الفرص”، مذكرا بأن،” بعض أكثر الاقتصادات نجاحًا في العالم اليوم قد تطورت تقريبًا كنتيجة لحركات الهجرة حيث أظهرت الولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا وأجزاء من أوروبا كيف يمكن للمهاجرين أن يكونوا بمثابة القوة الدافعة لتكوين الثروة والفرص”.
وقال كوي طوان دو” لا يمكن ربط الهجرة بالجنوب فقط، فهي بالإضافة إلى كونها مرتبطة بجنوب جنوب، هي أيضا شمال جنوب، ولا يمكن حصرها في الدول الفقيرة، بل إنها موضوع عالمي يتأثر بأربعة عوامل أساسية وهي العامل الديمغرافي الذي أصبح يأخذ اليوم صفة الانتقال الديمغرافي، والتحولات المناخية التي يشهدها العالم، ثم الحالة الاقتصادية للدول، إلى جانب القانون الدولي الذي يجب أن يحمي المهاجرين المهددين في بلدانهم الأصلية”.
وأضاف مقرر لجنة الخبراء الأمميين الدوليين المكونة من 30 خبيرا دوليا أمميا أوكل إليهم أمر إنجاز تقرير 2023،” إن الهجرة مسألة ضرورية لاستمرار تطور البشرية، وبذلك فقد أصبح من اللازم إيجاد سياسات جديدة في مجال الهجرة، تأخذ في الاعتبار في المقام الأول أن العقود القادمة، ستشهد انخفاضا حادا في نسبة البالغين ً في العديد من البلدان. ففي إسبانيا يُتوقَّع أن ينكمش عدد السكان، الذي يبلغ 47 مليون نسمة، بأكثر من الثلث بحلول عام 2100 مع زيادة نسبة من هم فوق سن 65 عاماً من 20% إلى 39% من السكان. وقد تحتاج بلدان، مثل المكسيك وتايلند وتونس وتركيا، قريباً إلى استقدام المزيد من العمال الأجانب نظراً لتوقف النمو السكاني بها”.
من جانبها أكدت الخبيرة المغربية، شادية عرب، على أن” منطقة البوغاز تحولت إلى مقبرة حقيقية نظير تخطي عدد الغرقى عتبة ال20 ألف غريق سنويا”، وأن المغرب بحكم موقعه الجيوستراتيجي،” لم يعد يشكل للمهاجرين منطقة عبور فحسب؛ بل تحول إلى بلد للاستقرار والإقامة، وبذلك فإن مسارات جديدة للهجرة بدأت تتشكل؛ بدليل أن ما بين 10 إلى 15 في المائة من سكان المغرب أجانب ينتمون إلى 96 جنسية، يتمتعون كلهم بصفات المواطنة ويستفيدون من الحق في الصحة والتعليم”.
من ناحية أخرى، دعا إدريس اليزمي، إلى ما وصفة ب” الضرورة الملحة لتبريد موضوع الهجرة، لأن ما كان يؤسس لنقاش الموضوع بالأمس تغير شكلا ومضمونا بدليل” يشير رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج، “أن 15 ألف مغربي يهاجر سنويا بطريقة قانونية، وأن تعداد المهاجرين المغاربة في الخارج حسب معطيات السفارات والقنصليات هو في حدود 5 ملايين و130 ألف، 20 في المائة منهم حاصل على مستوى الباك + 6، فضلا عن أن دول العالم أصبحت تتنافس على الطالب المغربي مع ملاحظة أن هذا التنافس فيما يتعلق بهذه الفئة غير مبني على تشجيعها على العودة والاستقرار في الوطن الأم”.
وأكد رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج على أن السنوات الأخيرة في المغرب تميزت بالتفكير الجاد في إشراك المهاجر المغربي في صناعة القرار الوطني، بدليل أن المغرب هو أول بلد سمح لجاليته في المشاركة في الانتخابات والعضوية في البرلمان، وقد توج هذا المسار بدعوة جلالة الملك في خطاب 20 غشت بمناسبة الذكرى 69 لثورة الملك والشعب، إلى ضرورة إشراك الكفاءات المغربية في الخارج في مسار التنمية الوطني، وبذلك برزت أفكار في هذا الشأن لعل من ضمنها خلق شبكات للخبراء والكفاءات المغربية في الخارج متخصصة في شتى المجالات ذات الصلة المباشرة بأوراش التنمية الكبرى التي تشهدها البلاد”.
وقالت أمينة بوعياش،” في الوقت الذي يهتم فيه البنك الدولي بظاهرة الهجرة اهتماما جادا ومسؤولا، يلاحظ تجاهل ورفض ذلك من قبل بعض الفاعلين الدوليين، وهذه حقيقة يجب الإقرار بها، لأن الهجرة أو التنقل يشكلان مشروع الحياة الذي خلق الإنسان من أجله، والهجرة هي محصلة طبيعية للبشرية وليست مشكلة، والأمثلة كثيرة تظهر ذلك وتثبت الدور الذي لعبته الهجرة في تشكيل الهويات و نهضة الدول، مع العلم أنها ليست مسألة مؤقتة كما يعتقد السياسيون إنما هي ضرورة حتمية تتطلب سياسات عمومية لتطوير نتائجها”.
وأضافت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان،” أظن أنه يجب استحضار المرجعية الدولية في مجال الهجرة، فهي الإطار الذي نحتكم إليه ونستحضره، بخلاف دول الشمال فأغلبها لا يتفاعل مع هذه المرجعية، وهو ما يبرر الضرورة القصوى لإيجاد إطار دولي يفرض اعتماد هذه المرجعية، ذلك أن دول الشمال إلى حدود اللحظة ترفض ذلك، وهو ما يؤكد وجود مشكل حقيقي على المستوى الدولي، وأزمة الحرب الأوكرانية أظهرت كيف تعاملت بعض هذه الدول مع مسألة نقل المهاجرين واللاجئين، في حين أن المغرب مثلا خلال أزمة كوفيد19، تعامل بسواسية مع كل المقيمين في المغرب، وخاصة المهاجرين غير النظاميين بحيث استفاد الجميع من التلقيح دون تمييز”.
وأكد قال فرانسوا ريبيت-ديغات، ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في المغرب، على” أن المغرب وبفضل الرؤية الثاقبة لجلالة الملك محمد السادس، اختار طريق الإدماج، من خلال اعتماد سياسة واستراتيجية جديدتين للهجرة واللجوء وبذلك فقد استطاع تحقيق إنجازات كبيرة في مجال إدماج المهاجري”.
ومن جهتها، شددت رافاييلا غريكو تونيغوتي، “ENABEL”، على أهمية العمل على الكفاءات والنظم الاقتصادية حول التكوين والتشغيل مع البلدان الشريكة التي يربطها مع بلجيكا إطار التعاون، في هذه الحالة المغرب، لتكون قادرة على الاستفادة من هذه الكفاءات والمواهب، لخدمة الاحتياجات المتزايدة لسوق العمل على المستويين الوطني والدولي، ولتجويد دور الهجرة بين البلد الأصلي وبلد الاستقبال”.
وأوضحت السيدة غريكو تونيغوتي، الخبيرة الاقتصادية في وكالة التنمية البلجيكية في مداخلة افتراضية من بروكسيل ، “الحاجة إلى العمل مع مختلف المؤسسات والجهات الفاعلة، لضمان التنزيل السليم والمحكم لمخططات التنقل وجعلها جزءًا لا يتجزأ من مشروع تنمية الكفاءات الذي يمكن تعميمه على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، حتى يكون مفيدا لدول المنشأ والإستقبال”.
يشار إلى أن تقديم التقرير يأتي استعدادا وتحضيرا لسلسلة من اللقاءات السنوية لمجموعة البنك العالمي وصندوق النقد الدولي، والتي ستنعقد في مراكش في اكتوبر القادم، كما يشكل فرصة لمناقشة التحديات والفرص المتاحة للمهاجرين ومجتمعات المنشأ والاستقبال، وذلك لمساعدة صناع القرارالاستراتيجيات على حوصلة فرصة لمناقشة التحديات والفرص المتاحة للمهاجرين ومجتمعات المنشأ والاستقبال.