قصة أغرب من الخيال ، تلك التي تعيش جحيمها أسرة المقدم منذ حوالي العام ، تبحث عن إبن اختفى كأنه مجرد دخان و اندثر في الهواء ، هكذا في رمشة عين ، الشاب مروان المقدم ، المقيم في الديار الإسبانية ، زار أسرته ، و قضى معها عدة أيام ، مستمتعا بحضن العائلة ، قبل أن يقرر العودة إلى بلد المقام ، توجه بشكل عادي الى ميناء الناظور ، حيث اقتنى تذكرة و طبع جواز سفره عند شرطة الحدود، و ركب الباخرة المتجهة إلى ميناء موتريل ، كل هذا بتاريخ يوم 20 أبريل 2024 ، حتى هنا الأحداث و تسلسلها عادي جدا ، على متن الباخرة ” أرماس ” تواصل مروان مع عائلته و أصدقائه ، موثقا رحلته بهاتفه ، ثم فجأة صمت ، هذا الصمت القاتل الرهيب يستمر حتى اليوم ، بشكل مذهل ، صمت يشمل الجميع ، الشركة ، السلطات ، هنا وهناك… ، بينما أفراد عائلة الشاب ، تتقلب على جحيم السؤال و الانتظار و توقع الأسوأ .
محضر رسمي للشرطة المغربية، وفقا لحقوقيين، يتابعون الملف ، أكد مغادرة مروان التراب الوطني، و محضر مماثل للشرطة الاسبانية ، يؤكد العكس ، مروان لم ينزل من الباخرة ” أرماس ” الى التراب الاسباني عند رسوها في ميناء موتريل ،و الشاب وثق رحلته في الباخرة و في أعلى البحر ، لكنه إختفى ، إختفى عن الردار كليا ، هو وهاتفه و أمتعته ، كيف لا أحدا يحير جوابا ؟ و يعطي عائلته جوابا شافيا .
الأسئلة شرعية و مشرعة هنا ، كيف يعقل أن لا يتمكن التحقيق من كشف اللغز ؟ ،كيف تعطلت كاميرات الباخرة ؟ ، و هل تعطلت كليا وهل بفعل فاعل ؟ ، و هل لم يكن هناك شهود بين المسافرين أو طاقم الباخرة ؟ وهل فعلا هناك تحقيق ؟ ، لأن الأمر غريب ولا يصدق … على منصات التواصل ،هذه الأسئلة تثير كل الحيرة و القلق ، وسط كم هائل من السيناريوهات المتعددة ، فجأة شهادة لمجهولة ، تظهر الى السطح ، تدعي أنها كانت بين المسافرين ، وان الشاب مروان ،دخل في نزاع مع مستخدمي الباخرة و دفعه أحدهم ، ليصطدم رأسه بقطعة حديدية عند سقوطه ، تضيف ، مستخدموا الشركة حملوه فاقدا للوعي بدعوى عرضه على الطبيب ، وأنها مستعدة لتقديم هذه الشهادة أمام السلطات … ثم لاشيئ ، هل الشهادة حقيقية؟ ، هل هي مختلقة ؟ ، هل تم بحث هذه الفرضية في التحقيق؟ ،واذا كانت الشاهدة حقيقية كيف صمتت كل هذه المدة ؟ ، وهل يعقل أن يكون هناك شجار و لا يكون هناك شهود عليه ؟ ، ثم أين مروان ؟ ، أو أين جثته ؟ ، لأن هذه( الشهادة ) تفتح بابا للجحيم ، و تعني في حالة ما إذا كانت صحيحة ، أن هناك جريمة ، و جريمة مركبة و يتعدد المسئولون فيها وعليها ، و الصمت يعني أن هناك من يحاول حماية الشركة أو على الأقل أشخاص فيها ، وصمت الشهود هو في حد ذاته جريمة هو الآخر ، وعدم التدخل هو الآخر جريمة … وعود كثيرة ،تلقتها أسرة مروان بالتحقيق ولا جديد ، ضغط من حقوقين و أناس عاديين ، و تضامن و تعاطف واسع النطاق ، ولاشيئ ، قصة أغرب من الخيال ، أن يختفي انسان هكذا و في ظروف عادية جدا ، ووسط الناس ( المسافرين ) ، ما يترك الباب مشرعا على كل الاحتمالات ، أتمنى صادقا أن تكون هناك اجابات سريعة ، لترتاح أسرة مروان بداية ، و لكن لنرتاح و نطمئن نحن ، فأسئلة القلق هنا , تطالنا جميعا في هذا الوطن .