زمن الكورونا
الحداد حسن
شيئ ما تغير في الاقتصاد العالمي في ظل انتشار وباء فيروس كورونا المستجد، لم يعد العالم كما هو منذ بداية هذا العام وكذلك الاقتصادات العالمية فهي المحرك الأساسي و المتأثر الأكبر بمختلف التطورات و الأحداث، تأثيرات فرضت تغيير خطط و أجندات و سلوكيات و أنماط و دراسات ،فالعالم الاقتصادي بات أمام وجه لم يألفه من قبل. وجه يتطلب برامج جديدة و سياسات مختلفة عن السابق ،إنه زمن الكورونا.
فالعالم المنفتح اقتصاديا بات مغلقا على نفسه، عادت الحدود لتفصل الاتحاد الأوروبي. وتدفع أمريكا، فينزويلا،كندا،البرازيل و البرغواي وغيرها لإغلاق حدودها مع جيرانها. و دولا أخرى كإيطاليا،فرنسا، لبنان ،المغرب،تونس،الإمارات والسعودية وسواها إلى إيقاف الرحلات الجوية و فرض العزلة على شعوبها.
وباء فرض على الاتحاد الأوروبي و الولايات المتحدة الأمريكية وضع قيود حازمة على تصدير تجهيزات الحماية الطبية، تصرفهما هذا يؤكد أن مخاطر الوباء طويلة الأمد و تستلزم إجراءات أول بنودها الذات و حمايتها.
أول التأثيرات أصابت النفط و اسعاره،فهبط سعر البرميل إلى حدود 30دولار للمرة الأولى منذ أعوام.
البورصات العالمية شهدت بدورها خسائر لا تحصى و فقدت الأسهم و المؤشرات أكثر من 70\100 من قمتها .
وفيما أعلنت المصاريف المركزية المالية التعبئة سعيا لطمئنة الأسواق و حملها على تخطيها صدمة انتشار الكورونا و بهدف ضمان عدم نفاذ السيولة في العالم .
كشفت الصين عن أول تراجع لإنتاجها الصناعي في ثلاثين عاما. أبرز القطاعات الاقتصادية المتضررة قطاع الطيران و السفر مع شلل حركة الطيران و إغلاق الأجواء بين الدول ،واقع اختصره الاتحاد الدولي للنقل الجوي ، حيث تحدث عن خسائر قد تصل إلى 113مليار دولار في عام الكورونا وتأثيراته الاقتصادية.
قد تكون مرحلة تقبل فيها الانسانية برمتها على مراجعات قيمية لإعادة ترتيب النظام العالمي الجديد وفق معايير تعيد الاعتبار إلى قيمة الإنسان، وتحد من شجع بعض الدول و غطرستها و ترسي قيم التضامن الحق و التعامل المتكافئ بين الدول.
إنه زمن الكورونا زمن يكشف عورات الرأسمالية المتوحشة و اختياراتها.
جاءت أزمة كورونا لتقوض العديد من الأفكار و المفاهيم و لتنسف العديد من المسلمات، و لتعري النظام العالمي ، فالعولمة التي روج أنها صلبة ،أكدت أن العالم تقطعت أوصاله أمام أول أزمة وبائية.
حيث دفعت أزمة وباء كورونا إلى تغيير ليس فقط في سلوكيات الدول وانماطها و عادات شعوبها ، بل دفعت الاقتصاد العالمي أيضا إلى الاصطدام بتطورات لم يعتدها سابقا.
إنه زمن الكورونا.