بقلم محمد الغول
بشكل مفاجئ ومن الضباب الكثيف للبحر المتوسط ، صباح يوم الثامن من شهر شتنبر من سنة 1925 ، ظهر في عرض ساحل الحسيمة ومن نقطتين متقاطعتين، أسطول كامل من السفن و البوارج وناقلات الجند ، بدت الأعلام الفرنسية والإسبانية واضحة فوقها .
مباشرة بعد ظهور هذه السفن الحربية ، تحركت في سماء المنطقة أعداد من الطائرات الحربية دارت عدة دورات على الشاطئ ، قبل أن تنشط في قصف محموم دام عدة ساعات ، مدعوما بقصف مدفعي من على ظهر البوارج الحربية ، و كذا من على صخرة جزيرة النكور ، التي نصبت فوقها القوات الإسبانية عددا من قطع المدفعية ، تناغمت مع البوارج في قصف مركز طال عددا من النقاط على المرتفعات المطلة على شاطئ إيجداين وكذا على شاطئ صباديا .
القصف دام عدة ساعات بشكل متواصل ودون توقف ، الطائرات الحربية كما المدفعية بدت مركزة على نقاط ومواقع بعينها في قصفها العنيف ، كانت تعرف ماذا تقصف رغم أنه لم يكن يواجهها إلا صمت صخور الشاطئ ، ودوي إنفجارات قنابل الطيران وقذائف المدفعية ، لم يكن هناك قصف مضاد .
في حوالي الساعة 11 و النصف من نفس اليوم ، بدأت عدد من سفن هذا الأسطول الظخم الذي سد الأفق قبالة خليج الحسيمة ، تقترب من الشاطئ دون أن يتوقف القصف العنيف .
السفن التي أرسلت للشاطئ كانت ناقلات جنود وعتاد حربي ، المشهد عملية إنزال عسكري ظخم.
عند إقتراب سفن الإنزال من رمال الشاطئ ، بدا تدافع الجنود بمجرد فتح بوابات الإنزال ،عندما لمست أقدام الجنود رمل الشاطئ ، إنهمرت عليهم زخات الرصاص من مواقع عدة على الشاطئ والمرتفعات المحيطة به ، كما بدأ يسمع دوي قصف مدفعي من مواقع على الشاطئ ، في إتجاه سفن الإنزال ، يبدو أن المقاومين على الشاطئ ، كانوا يخفون مواقعهم بالصمت عن رد القصف المدفعي ، وخاصة أنه كان بلا طائل فمدى المدفعية لدى المقاومين الريفين ،لا يبلغ مواقع سفن الإنزال والأسطول في عرض البحر ، كما أن عدد قطع المدفعية لديهم لم يكن يتجاوز 14 قطعة من غنائم حرب أنوال، إضافة إلى القصف المتواصل للطائرات التي ملئت الجو وتأتي وتذهب في شكل موجات متلاحقة ، لهذا إنتظر المقاتلون الريفيون على الشاطئ حتى إقتراب السفن من الشاطئ .
بسالة المقاومة و كذا فخاخ القنابل و الألغام التي زرعها خبراء المتفجرات الريفيون البارعون في هذا المجال ، وهم المعرفون ببراعتهم في التعامل مع مادة البارود وإتقان صنع متفجرات مختلفة الأشكال والأنواع منها ، صعب عملية الإنزال بل أن الموجة الأولى منه إضطرت للإنسحاب سواء من شاطئ إيجداين أو من شاطئ صباديا ، الذي صعبت صخوره وغياب أي شواطئ رملية فيه بشكل كبير عملية الإنزال.
(يتبع)