طنجة: SPA الشجرة التي تخفي الغابة !!!
أنس الحداوي العلمي
في ظل غياب أي إحصائيات أو معطيات لعدد مراكز التدليك و التجميل المرخصة بطنجة، يبقى هذا النشاط “الاقتصادي” محط العديد من الانتقادات نتيجة للشبهات التي تحوم حولهن بدءا من طبيعة الأموال المستثمرة في هذا المجال، و مرورا بالاتجار في البشر، و انتهاءا بنشر الرذيلة وسط المجتمع خلافا للعادات و التقاليد و التعاليم الإسلامية رغم العديد من الشكايات التي تتوصل بها المصالح الوصية على حفظ الأمن العام من طرف المتضررين من هذه الأنشطة المخلة بالآداب العامة، التي تلقى نفس مصير الشكايات ضد مقاهي الشيشة، حيث لولا حريق احتفالات رأس السنة الميلادية، الذي عرى عن العديد من الحقائق و الخروقات المسطرية، لما تحركت السلطات اليوم لشن حرب على هذه الأوكار، التي تتقاسم مع مراكز التدليك و التجميل جملة من القواسم المشتركة في انتشار الدعارة و الإخلال بالحياء العام أمام أنظار هذه السلطات التي باتت متقاعسة في القيام بوظيفتها أمام استفحال هذه الآفة التي تناسلت في زمن قياسي لمجموعة من العوامل الموضوعية و الذاتية.
“لاكرونيك” تفاعلت مع هذه الظاهرة المشينة من خلال بعض الشكايات في الموضوع، أو مجموعة من الشهادات الميدانية الحية أو من خلال تقمص دور الراغب في الاستفادة من خدمات “الطب الناعم” التي تقدمها الحمامات و مراكز التدليك و التجميل بعاصمة البوغاز.
و تبعا لذلك من أين تستمد هذه الصالونات حصانتها ؟ و هل باتت نموذجا لتبييض و غسل الأموال القذرة ؟ و هل يمكن التسليم بأن هذه الظاهرة غذت نشاطا اقتصاديا ؟.
هذه الأسئلة و غيرها كانت مدخلا لهذا الموضوع الذي أصبح حديث العام و الخاص سيما مع صحوة الضمير المتأخرة للسلطات في “محاربة” بعض الظواهر “الدخيلة” على المجتمع الطنجي المحافظ، الذي فيما يبدو قد فقد بوصلة هويته بسبب هذا الغزو “الثقافي” المنحط، خدمة لأجندات داخلية و خارجية تضرب في الصميم ما تبقى من مبادئ و قيم دينية.
عبدالمنعم (طالب باحث في علم اجتماع) بحكم تكوينه الأكاديمي و انجازه لمجموعة من الدراسات و البحوث المتعلقة ببعض الظواهر الاجتماعية التي ابتلي بها المجتمع في السنوات الأخيرة، فان محدثنا يرى أن دعارة صالونات المساج و الحمامات هي نتيجة حتمية للتضييق على الدعارة التقليدية بالشقق المفروشة و الفنادق، لذلك لجأت هذه الشبكات إلى الانخراط في عملية تبييض وغسل أموال المخدرات، من خلال البحث عن طرق “قانونية” للاستثمار في محيط الدعارة ليظلوا قريبين من تخصصهم. إذ غالبا ما يدير هذه الصالونات اليوم عاهرات الأمس اللواتي أصبحن سيدات أعمال و مشاريع، يستثمرن في كل الأشياء التي لها علاقة بالجسد التي تسافر بالزبون إلى عوالم المتعة الجنسية.
كريم ( سانديك عمارة سكنية) يستغرب من “المرونة” التي تتعامل بها السلطات مع انتشار هذه الظاهرة من خلال الترخيص لها لممارسة أنشطتها المشبوهة بجوار الشقق السكنية تحت عدة مسميات، فضلا عن كون أن غالبية هذه الصالونات أو الحمامات لا تحترم دفتر التحملات الخاص بالجوار و التهوية و السلامة الصحية، الأمر الذي يطرح أكثر من علامة استفهام حول الجهة التي تتغاضى عن هذه السلوكات المنافية للأخلاق العامة و الآداب. علما أن الفتيات اللواتي يقمن بتدليك الرجال و قضاء أوقات حميمية معهم يتم اختيارهن بعناية تامة، و على قاعدة أساسية أولى هي حسن المظهر و الامتثال لنزوات و رغبات الزبائن.
علي ( 22 سنة) له مغامرات كثيرة بالغرف المغلقة لمراكز التدليك بالمدينة، التي تحولت إلى ما يشبه أوكار الدعارة تحت يافطة صالونات التجميل و التخسيس و تصفيف الشعر…
فبجولة سريعة على منصات التواصل الاجتماعي يمكن أن يتعرف المتصفح على نوعية “الخدمات الاستثنائية” التي تقدمها هذه المراكز، التي تختلف حسب المنطقة و الخدمة المقدمة و الحصة التي يقضيها الزبون بين أحضان المدلكة وراء الستار المسدلة.
و بحكم تجربة محدثنا فان حصة المساج غالبا ما تنطلق بشكل روتيني قبل أن تصل إلى المفاوضات بين الزبون و المدلكة إلى مراحل متقدمة من الاسترخاء و تحقيق نشوته الجنسية، بممارسة المدلكة المساج بكامل جسدها العاري من خلال عرض مغري يسمى “جسد جسد” أو الاستمناء باليد.
أنوار (سائق سيارة أجرة) له علاقات “مهنية” مع بعض المدلكات اللواتي يشتغلن بمراكز التدليك من خلال المواظبة على إيصالهن عند انتهاء فترة عملهن بهذه الصالونات إلى منازلهن في فترة المساء، حيث تشترط عليهن صاحبة الصالون للعمل معها عدم الذهاب للملاهي و العلب الليلية لعرض خدماتهن، لأن هذا الأمر يسيء إلى سمعة الصالون حسب اعتقاد مشغلتهن لأن المركز الذي يشتغلن فيه يوفر لهن أجرا صاحبة المحل بالإضافة إلى “حنة” أيدهن في العمل على استدراج الزبون لقضاء أكثر وقت ممكن مع المدلكة نظير خدمات مغرية يستسلم معها هذا الزبون الذي يكرمها من أجل تحقيق مغامراته العابرة، مقابل استفادة المدلكة ماديا من نسبة مهمة تصل إلى 30 بالمائة من الإكراميات بينما تأخذ المشغلة الباقي.
فردوس ( فاعلة جمعوية و متتبعة للشأن المحلي) ترى أن الظاهرة أصبحت مقلقة للغاية، حتى أن المواطن بات مضطرا بأن يتعود على قبول هذه السلوكات الغريبة أمام الحياد السلبي للسلطات و التسهيلات المقدمة على طبق من ذهب “للمستثمرين “الجدد في هذا المجال، الذي أسال الكثير من المداد حتى أصبحت الدعارة و الأنشطة المحيطة بها من حمامات و فضاءات التدليك و المساج تشكل نشاطا اقتصاديا قائما بذاته يؤثر في العجلة الاقتصادية و هذا هو العجب !!!
لكن على الصحافة الجادة أن تقوم بدورها و دق ناقوس الإنذار بإثارة مثل هذه المواضيع التي يتضرر منها السكان المجاورين لهذه الأنشطة المشبوهة و تسيء لهم أمام معارفهم و أقاربهم،و إلى سمعة المدينة، بعد أن فقدوا الأمل في السلطات و المؤسسات المنتخبة التي لا تقوم بواجبها.