انتشرت في الآونة الأخيرة العديد من قاعات الألعابالالكترونية بأحياء مدينة طنجة، حتى باتت تثير مخاوف كثيرة لدى أغلبية الآباء، نتيجة إدمان أبناءهم على هذه الفضاءات التي أصبح بعضها يشكل مصدر قلق و إزعاج للساكنة المجاورة لهذه القاعات من جهة، و مدى تأثير هذه الألعاب الالكترونية على سلوكيات “اللاعبين” من جهة أخرى.
“لاكرونيك” و في إطار مواكبتها لبعض الظواهر الاجتماعية التي غدت تثير حفيظة العديد من المواطنين، سنسلط اليوم الضوء على ظاهرة انتشار قاعات الألعابالالكترونية و تهافت الأطفال و اليافعين عليها بعيدا عن أعين الرقابة و ما يجري داخل بعض هذه الفضاءات من سلوكات مشينة، جعلت بعض الأصوات تنتقد السلطات التي أقدمت على الترخيص لهذه القاعات في حين طالب الآخرون إلى وجوب إصدار قرار فوري بإغلاقها.
و للاطلاع أكثر على هذا “النشاط” التجاري قمنا بجولة ميدانية بين بعض تلك الفضاءات بهدف الوقوف أكثر على هذه الادعاءات عن قرب، حيث لمسنا مدى الاستقطاب الكبير من الزبناء من مختلف الأعمار دون حسيب أورقيب.
و تبعا لذلك بادرنا إلى محاولة تشخيص هذه الظاهرة من خلال الاعتماد على بعض الآراء التي تباينت في معظمها بين ناقمة و متحفظة و مدافعة عن هذا النشاط، الذي بات يوفر العديد من مناصب الشغل المباشرة و غير المباشرة.
وليد ( مشرف على قاعة للألعاب الالكترونية) نفى إطلاقاما يتم الترويج له من مغالطات حول قاعات الألعابالالكترونية في كونها مصدرا للانحراف المبكر كالإدمانعلى تعاطي المخدرات و التدخين و الهدر المدرسي و التأثير في سلوكيات الأطفال…فالعكس هو الصحيح، حسب المتحدث ذاته، لأن هذه الألعاب تمنح للأطفال أوالشباب إحساسا بالمغامرة التي يكون منها هؤلاء شخصيتهم و تنمي لديهم الابتكار و روح التحدي و الانخراط في العالم الرقمي، إلى جانب تعزيز قدرات رد فعلهم السريع.
هذا من جهة و من ناحية أخرى، فان الاستثمار في هذا المجال ليس سهلا، كما يظن البعض، لأنه يتطلب رأسمالمحترم، ناهيك عن كونه يوفر مناصب شغل قارة و غير مباشرة من تقنيين و عمال نظافة و حراس أمن خاص…
لذلك كفى من مغالطة الرأي العام حول هذا الموضوع، فالآباء الذين فشلوا في تربية أبناءهم يجب أن لا يلقوا اللوم على أصحاب قاعات الترفيه.
رفيقة ( ربة بيت) يجب الاعتراف أن انتشار ظاهرة قاعات الألعاب الالكترونية بالأحياء كان لها وقع سيئ على العديد من الأسر التي عانت من ويلات الإقبال المفرط لأبنائها على هذه الفضاءات “الموبوءة”، التي خربت عقول الأطفال و اليافعين على حد سواء حتى أصبحأغلبيتهم مهملا لدراسته و كارها لها بعد أن كانوا متفوقين فيها. في الوقت الذي كان يعتقد بعض الآباء أن هذه الفضاءات الترفيهية تساهم إلى حد بعيد في خلق علاقات صداقة مع أبناء الحي الواحد.
محسن ( 46 سنة موظف) يحمل المسؤولية في تفشي هذا الأمر إلى الآباء الذين يتغاضون عن أمر السماح لأبنائهم بالذهاب إلى هذه القاعات، و غير مدركين لحجم ضرر هذه الأخيرة على تكوينهم و سلوكهم متوهمين أنهمقد ارتاحوا من صخبهم و طلباتهم.
لكن الأمر ليس بهذه السهولة، كما يعتقد البعض، لان تعود الطفل أو الشاب على الذهاب إلى هذه “الأوكار” سيجعلهم غير محصنين ضد كل الانحرافات التي قد تتسبب فيها هذه القاعات أو ألعاب الفيديو المتوفرة في ظل غياب الرقابة. لذلك يجد المرء نفسه يواجه جملة من الاستفسارات أمام انتشار هذه الظاهرة: هل يشكل هذا الاستثمار خطرا على أخلاق الطفل و أسس تربيته ؟ و هل توجد أية رقابة على هؤلاء الأطفال في نوعية الألعابالالكترونية التي يلعبونها في غفلة من أصحاب هذه القاعات أو بتواطؤ معهم ؟ لأن القليل من الآباء من يرافق ابنه فهو يؤدي ثمن حصة اللعبة و يغادر تاركا ابنهبالقاعة معتقدا أنها أكثر أمانا و أمنا على أخلاق و سلوك الأطفال. لأن ما يهم أصحابها سوى الربح المادي و قضاء أطول فترة أمام شاشة الحاسوب أو التلفاز.
نورة ( طالبة باحثة في الشأن المحلي) ترى أنه يجب ضبط شروط استغلال القاعات التي تنظم بها الألعابالالكترونية للعموم بواسطة دفتر تحملات صارم و ملزم للاستثمار في هذا المجال، من خلال التنصيص على بعض المواد، فعلى سبيل المثال لا الحصر، عدم قبول القاصرين دون سن 18 سنة بهذه القاعات ما لم يكونوا مصحوبين بآبائهم، ثم يجب أن تكون هذه القاعات بعيدة عن المؤسسات التربوية، فضلا عن احترام مواقيت فتح هذه الفضاءات و إغلاقها من طرف أصحابها…لأنه ليس غريبا أن تستقطب هذه القاعات هؤلاء الأطفال لأنهمينجذبون بسهولة لمثل هذه الألعاب على حساب العب ترفيهية أخرى، لأنها (هذه الألعاب) استطاعت أنتشعرهم بأنهم أصبحوا مستقلين بذواتهم. لذلك فالتفكير في كيفية تدبير هذه القاعات بات ضروريا لحماية الطفل و المجتمع.
عبدالرحمان( 39 سنة رب أسرة) من جهته يرى أن تناسل هذه القاعات كالفطريات على حساب راحة السكان أضحى أمرا مرفوضا من لدن العديد من المواطنين. لأن هذه المحلات غدت مصدر قلق و إزعاج للساكنة بسبب الشغب الذي يثيره رواد هذه القاعات في فترات الصباح و المساء، علاوة على العمل غير المشروع الذي تسير بههذه المحلات التي لا يتوفر أغلبها على تراخيص مسبقة من طرف السلطات المختصة.
فالسكان يعانون الأمرين طيلة أيام الأسبوع بعد أنأمست هذه “الأوكار” ملجأ للعديد من المراهقين و مروجي المخدرات و أصحاب السوابق الذين يرفعون أصواتهم و يتبادلون السباب و الشتائم مما يحرج الآباءمع أبنائهم داخل المنازل و الشقق المجاورة لهذه القاعات…في ظل غياب أي مراقبة أمنية لما يدور داخل هذه الفضاءات.