طنجة: لنغير سلوكنا بالمساجد !!!
أنس الحداوي العلمي
يشتكي العديد من المصلين من التراجع الكبير في مستوى نظافة بعض المساجد بمدينة طنجة، الأمر الذي يصرف المصلين عن التركيز في أداء فريضة الصلاة، و تنفرهم عن ارتياد بيوت الله مجددا لسبب بسيط هو غياب النظافة و انبعاث الروائح الكريهة من دورات المياه التي يتحمل مسؤوليتها أولا و أخيرا بعض المصلين دون إغفال تقصير الساهرين على هذه المساجد في توعية و تحسيس المصلين بهذه الظاهرة المقززة.
”لاكرونيك” تجولت ميدانيا في بعض المساجد و رصدت عدستها حجم الإهمال التي تعانيه بعض المساجد على العديد من المستويات، و التقت بعدد من المصلين الذين أعربوا عن استيائهم العميق حول الوضع الكارثي لفضاء تجديد الطهارة و الوضوء القذر، فضلا عن الزرابي الرثة و الأماكن المخصصة لوضع الأحذية، مما يولد لدى العموم انطباعا سيئا عن ديننا الحنيف الذي من مبادئه الأساسية النظافة من الإيمان.
و تبعا لذلك طالب العديد من الذين أدلوا برأيهم في هذا الموضوع بضرورة تدارك هذا التهاون الواضح في العناية بدور العبادة الذي يؤرق المصلين إلى حد كبير.
فمن جهته، شدد الورياغلي ( إطار بنكي) أنه يفضل التيمم على ارتياد أماكن الوضوء بالمساجد التي تفوح منها روائح البول و الغائط، نظرا لانسداد شبكة الصرف الصحي أو انعدام أعمال الصيانة و النظافة بها، ما يدفع الكثير من المصلين إلى النفور عن أداء الصلوات الخمس بتلك المساجد، نتيجة للاعتقاد السائد بأن الدخول إلى هذه المراحيض يبطل الصلاة أصلا بسبب عدم طهارتها، سيما في ظل غياب عمليات التعقيم بمواد التنظيف.
بدوره، أكد العربي ( مستخدم بصيدلية) أن معاناة المصلين بمسجد ساحة تاسع ابريل لا توصف لانبعاث الروائح الكريهة من الزرابي، و هذه الرائحة تعود بالأساس إلى امتزاج رائحة السمك برائحة العرق، لأن معظم رواد هذا المسجد من التجار العاملين بالسوق المركزي الذي يضم اللحوم الحمراء و البيضاء و السمك، حيث لا تلقى عملية النظافة الاهتمام الكافي من جانبهم، حيث يفوح هذا الخليط من الروائح من ملابسهم و جواربهم.
و تبعا لذلك يصطدم المصلون بتلك الرائحة غير الطيبة عند عملية السجود لله و يفقد معها هؤلاء المصلون تركيزهم في الصلاة، و بالتالي تكون سببا في انتشار الأمراض الجلدية المعدية.
و من أجل ذلك دعا المتحدث ذاته القيمين على هذا المسجد إلى تكثيف جهودهم من أجل ترغيب الناس في أداء فريضة الصلاة جماعة بدور العبادة.
خليفة (تاجر الحلي) قال إن الروائح الكريهة غير مقتصرة على المساجد القريبة من تجمعات المهن الحرة، لأن هؤلاء، للأسف، يتصرفون بشكل لا إرادي دون أن يحسوا إطلاقا بمدى الضرر الذي يمكن أن يسببوه للآخرين. بل إن هذه الظاهرة تسري حتى مع مساجد الأحياء الراقية، لكن مع اختلاف كبير في نوع الرائحة. إذ يستحيل أن توجه لصاحبها أي ملاحظة في هذا الشأن درءا للمشاكل و الإحراج بسبب انبعاث رائحة الثوم أو البصل أو دخان السجائر من فمه ، ناهيك عن رائحة الأقدام و شدة رائحة العرق المزعجة، مما ينغص على المصلين أداء فريضة الصلاة بكل أريحية.
أما عزيز (نادل بمقهى) فتناول هذا الموضوع من زاويته الخاصة بحكم عمله بإحدى المقاهي بوسط المدينة، حيث يرصد بشكل يومي تعمد بعض السكان بوضع حاوية الأزبال بباب المسجد عوض وضعها بباب عمارتهم، إذ يضطر البعض إلى رمي النفايات المنزلية بهذه ىالحاوية لعدم وجود البديل، دون أدنى مراعاة لحرمة دور العبادة.
فضلا عن ذلك يتم تسجيل سرقة أحذية المصلين بعد أداء الصلاة من طرف متخصصين في هذا “النشاط” الجرمي، ليخرج المصلي مفتقدا لحذائه و بالتالي تكون خاتمة لمسلسل من المعاناة تجعل الضحية يفقد أعصابه، و من تم يطلق عنانه لشتم و لعن كل من حوله.
كريم ( محاسب) يعتقد أنه لا يمكن بين عشية و ضحاها القضاء على هذه الآفة بالمساجد، لكن بالحملات التحسيسية المتواصلة و الدؤوبة من طرف الوعاظ و خطباء الجمعة، و بوضع لافتات توعوية داخل المساجد تحث المصلي على ارتداء أفضل الثياب و التعطر بأحسن العطور عند الذهاب للمسجد مصداقا لقوله تعالى ” يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد”، و بالتالي يمكن حينئذ أن يتغير سلوك البعض بالتدريج. لأن الخطأ هنا يقع بالدرجة الأولى على عاتق المصلي نفسه و ليس على القيمين على تنظيف المسجد، لأنه لا يمكن أن تمنع بائع السمك أو الميكانيكي…مثلا من دخول بيت الله لأنهم يرتدون ثيابا معينة، بل يتعين أن يكون هناك شعور نابع من الإنسان ذاته بأن دور العبادة لها قدسيتها و طقوسها.
إدريس ( إمام مسجد) يرى أن النظافة بالمساجد تعرف تدنيا مهولا، خاصة المساجد التابعة لوزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية، بسبب غياب الصيانة و العناية اللازمة و افتقار المساجد للموارد البشرية الكافية للقيام بهذه المهمة. لأن الإمكانيات المتوفرة شبه منعدمة، لذلك دعا المتحدث ذاته إلى تفكير الوزارة الوصية على المساجد إلى تفويت نظافة دور العبادة إلى شركات خاصة تضع في صلب اهتمامها نظافة دورات المياه باستعمال مواد مطهرة، و العناية بنظافة أرضيات المساجد من زرابي و حصير من خلال رشها بالعطور ومواد معقمة لإزالة الروائح الكريهة.