كورونا على حدود طنجة
يوسف شبعة
عقب كل إنذار إرهابي هنا أو هناك، تبث قنواتنا العمومية استعدادات رجال الأمن لمواجهة أي خطر إرهابي، ومن جملة ما يتم عرضه على الشاشة، قوات خاصة بلباس أسود في تدخل أمني يحاكي أعمالا إرهابية مفترضة، الغريب أن هذه الأعمال المتوقعة في الغالب ما تقع على نفس المنوال المحاكي، طبعا يبقى الغرض من هذه الاستعدادات هي تمرير رسائل للإرهابيين ومن يقف خلفهم بأن الدولة بالمرصاد لكل من يحاول العبث بأمنها هذا من جهة، ومن جهة أخرى لطمأنة المقيمين وعموم المواطنين بأن الأمن هو تاج الدولة، وهكذا تخصص برامج خاصة ” ببلاطو جديد” تواكب تحليل العمليات الإرهابية يستدعى إليها خبراء في كل شيء إلا الإرهاب.
لكن عندما يتعلق الأمر بالأمراض الفتاكة، تلتزم الدولة الصمت، وتكتفي قنواتنا العمومية بجرد عدد المصابين في الدول التي أصابها الوباء، وكأننا بمعزل عن الوباء، وبدل أن تبث قنواتنا العمومية آخر استعدادات أطر وزارة الصحة بالمنافذ البحرية والبرية تحاكي إصابات محتملة بمرض “كورونا” تنبري قنواتنا في تلاوة بيانات تكذيب “الإشاعات” عن أي إصابة محتملة هنا أو هناك …
في غياب برامج تلفزيونية خاصة، يستدعى فيها أطباء متخصصون على غرار البرامج التي تعقب كل عملية إرهابية، لمناقشة أخر تطورات فيروس “كورونا ” يتم من خلاله توعية المواطنين بخطورة المرض، والتحذير من طرق انتشاره وكيفية الوقاية منه، لم يجد المغاربة سوى النكتة لهزم الوباء، وهكذا نشط المغاربة بإرسال أخر النكت عبر تطبيق” الوتساب” بدل تبادل المعلومات حول طرق الوقاية من “كورونا”
الآباء بدورهم، لم يجدوا سبيلا لمراوغة صغارهم أمام الأسئلة التي يطرحونها حول المرض الغامض الذي يقتل دون مراعاة للسن، سوى اختلاق حكايات لأبنائهم على سرير النوم.
وبما أن المناسبة شرط، فقد سبق أن ضرب وباء شبيه بكرونا مدينة طنجة، وكما تم مؤخرا منع رسو باخرة إيطالية بميناء طنجة المتوسط حدث نفس الشيء سنة1893 حيث تم منع رسو باخرة تقل حجاجا من طنجة بالرسو بميناء طنجة المدينة خوفا من انتشار الوباء.
من يقرأ رواية “دموع على حدود طنجة” الصادرة سنة2018 عن دار الأسراء للنشر والتوزيع للروائي الأردني مصطفى القرنه يقف على حجم الكارثة والمآسي التي وقعت يومها، وكيف تحولت أزقة بدروب المدينة القديمة مكتظة بجثث الضحايا، وكيف كانت العائلات تتخلص من جثث فلذات أكبادها برميها في حاويات الأزبال.
ما يجب أن نعترف به، هو أننا لا نملك غير الدعاء لدفع البلاء، أما الحديث عن جاهزية الأطر الطبية لمواجهة وباء كورونا فهذا كذب على الذقون، سبب هذا التشاؤم أن صديقا لي زار مؤخرا مستشفى عمومي بطنجة، فطلب من الطبيب شهادة طبية للإدلاء بها لرب العمل، فما كان لهذا الطبيب إلا أن طلب منه أن ينسخ له نسخة من الشهادة الطبية ” الأصل” التي يتوفر عليها ليحرر له رخصة تثبت عجزه عن العمل، عن أي جاهزية نتحدث إذن ومستشفياتنا لا تتوفر حتى على آلة فوطوكوبي.
في الأخير لم يبق إلا أن نردد اللهم إنا نعوذ بك من الجذام والجنون والبرص وسيء الأسقام.