في زمن “كورونا”
جرت العادة أن يغلق ميناء طنجة أبوابه بسبب رياح الشرقي، وقبل أن يقفل، يتم إشعار المسافرين بتوقيت ومدة توقف حركة الملاحة البحرية بين مينائي طنجة وطريفة ليتدبر المسافرون أمرهم إما بالسفر عن طريق ميناء طنجة المتوسط أو عن طريق سبتة المحتلة.
ما حدث يوم الخميس المنصرم، يبقى استثناء بدون شك، حيث وجد عشرات المسافرين من مختلف الجنسيات أنفسهم عالقين بميناء طنجة المدينة بدون أي اشعار لكي يتدبروا طريقة سفرهم، اللهم إلا من تصادف سفره مع لحظة اغلاق الميناء فسارع إلى الهروب ” الكبير” ليلا عبر باب سبتة قبل إغلاقه هو أيضا.
لا أحد من التجار بالمدينة القديمة ولا العاملين في القطاع السياحي كان يقيم لأيام الشرقي وزنا، بل منهم من كان يجدها فرصة لأخذ قسط من الراحة، متمنيا للشرقي مقاما طويلا في طنجة، لأن العادة جرت بين التجار أن للشرقي مدة صلاحية وتنتهي، والعادة كما يقال محكمة
اليوم هناك “شرقي” من نوع أخر، شرقي مستجد ولا يعرف مدة مقامه، ولأن طريقة التعامل معه غير مسبوقة، يتساءل العاملون خصوصا في القطاع السياحي عن مدى قدرة صمودهم ضد الإجراءات التي تم اتخذها بتعليق جميع الرحلات الجوية والبحرية، علما أن القلب النابض للمدينة القديمة هو القطاع السياحي
أحد المستثمرين في القطاع السياحي بقي مدهوشا بعد يوم واحد فقط على اغلاق مينائي طنجة المدينة وميناء طنجة المتوسط، حيث اتصلت به مؤسسة بنكية صبيحتها من أجل تسوية وضعيته معها، المستثمر بدون ما يشعر ومع العلم أنه زبون ملتزم بأداء واجبته مع الممون البنكي أجابها قائلا ” اتصلي بكورونا هو من سيدفع عني الأقساط المتبقية” فما كان من المتصلة إلا أن تضع سماعة الهاتف لأنه ببساطة توقيت غير مناسب للمطالبة بأية تسوية
إذا كانت الدولة المغربية أحدثت خطا مباشرا ….”ألو يقظة” للتبليغ عن أية إصابة محتملة بفيروس كورونا، فيجب فتح أكثر من خط لليقظة، خطوط لليقظة، منها خط للتبليغ عن الزيادات في أثمنة المواد الأساسية كالقطنيات مثلا، حيث تم تسجيل ارتفاع في أثمنة القطنيات بأهم المراكز التجارية بالمدينة، مثل هذا الخط كفيل بالضرب بيد من حديد على هؤلاء المضاربين على حساب أمن الوطن مع العلم أن الأمن هو رأس مال الدولة المغربية
من الخطوط الأخرى التي يجب فتحها، هو خط اقتصادي لإخبار المستثمرين بالحزم الاقتصادية والاجراءات التي باشرتها الدولة لاحتواء تداعيات فيروس كورونا تماما كمت فعلت الجارة الاسبانية، فإذا كان محمد اليوبي متحدثا باسم الأوبئة يخرج لينور رأي العام بكل جديد، فلماذا لا يوجد مثله في المجال الاقتصادي خصوصا أن ميناء طنجة المتوسط يعتبر ثاني أكبر ميناء في المغرب
اغلاق الحدود مع الجارة الاسبانية أمر محمود، ولكن مع تفعيل باقي الإجراءات، خصوصا ضبط أثمنة السلع في الأسواق، ففي حالة تفشي المرض لا قدر الله قد تنفلت الأمور من عقالها، وحينها عكس مالا يتوقع سيقع حتما، يكفي مشاهد لطوابير من الانتظار للتسوق بالمراكز التجارية بعد يوم واحد فقط على اغلاق الحدود فما بالك بما هو أدهى وأمر خصوا إذا طال مقام الفيروس.
الحديث عن رياح الشرقي عفوا فيروس كورونا لا يسعه العمود، والشيء بالشيء يذكر وإلى الأسبوع المقبل نتمنى أن تكون الرياح الشرقي قد خفت نعابتها
يوسف