جدران طنجة ….شكرا كونونا
يوسف شبعة
إلى عهد قريب كانت جدران المدينة، عبارة عن ورقات دفاتر من الحجم الكبير يكتب كل واحد رسالته فيها لمن يهمه الأمر على الملأ، وهكذا كنت تجد عند باب البحر، مكتوب بسور القصبة العتيد كل ما يؤرق أهل الحي من قبيل ” ممنوع البول” ” ممنوع رمي الردمة ” بول في دارك على غرار بقى في دارك” ” ممنوع حقن الهيروين هنا” هذه الجملة تجده بكثرة بمدخل الخربات، حتى صارت هذه الهموم المبثوثة بالجدران تعرض بكبريات المتاحف في أوربا على شكل لوحات فوتغرافية
بدأت هذه الظاهرة في طنجة، الكتابة على جدران على شكل فن “الكرافيتي” غير أن المرحلة التي أعقبت نزول فريق اتحاد طنجة للقسم الوطني الثاني عرفت منحى آخر،حيث تحولت جدران أسوار الخربات والمدارس و الثانويات إلى رسائل موحدة بعنوان أنقذوا فريق اتحاد طنجة مع رسائل مشفرة للمشرفين على الفريق، في تلك المرحلة لم تسلم واجهات المحلات وأبوابها الحديدية من مثل هذه الميساجات، وإبان فترة الثروات العربية تحولت هذه الجدران إلى مطالب اجتماعية من قبيل ارحل أمانديس.
في السنوات الأخيرة تم عقل هذه الظاهرة، فانبرت جمعيات فنية، من قبيل جمعية قدماء تلاميذ ثانوية مولاي يوسفـ، على تحوير وتحويل هذه الجدران بدل رسائل سياسية أو رياضية إلى لوحات فنية، يتم الاشتغال عليها كل سنة، كما هو حال السور المجاور لجامع محمد الخامس، كما ظهرت مؤخرا حالات فردية لرسامين اتخذوا من سور جادة القصبة، أو عند منحدر المرسى، فضاء لعرض عضلات ريشاتهم فنجد كوكب الشرق أم كلثوم بالجدار المقابل لمدرسة القصبة والرحالة ابن بطوطة عند منعطف جامع الكبير
غير أن لا أحد كان يتوقع يوما، أن تتحول هذه الجدران ذات الحمولات الرياضية والسياسية إلى لوحات شكرا وامتنان لرجال الأمن ورجال المطافئ، وأخرى لأطباء وممرضين تبرز على الجدران معاناتهم وما فعلت الكمامات في وجوههم، مثل هذه الرسومات في زمن غير كونونا على قول الشريف كان سيوصف صاحبها ب “العياش” وحتى هذا المصطلح افتقد من السوق في زمن كونونا …فلاعياش اليوم بل يحيا الوطن.
هي فكرة وجب تعميمها، من طنجة إلى الكويرة، تعم فيها الجدران إلى لوحات فنية توثق أولا للتوافق المغربي الأول من نوعه، وإلى مجهودات هؤلاء المحاربين ضد فيروس كورونا، لوحات فنية لمدير الأوبئة سي محمد اليوبي بواجهات العمارات الشاهقة اعترافا بعلو كعبه وسمو مجهوداته، لماذا لا نرسم عند مدخل كل مستشفى طبيبا يشتغل فيه انتقل اليه الفيروس وهو في معركته ضد العدو ” كورونا” لماذا لا نوثق لوحات عرفان لهؤلاء الجنود الذي كانوا بالأمس يوصفون بجنود الخفاء، في حين يستحي أن يتقدم أمامهم من بعد جائحة كورونا أحد.
شكرا كورونا لأنك وضعت كل واحد في مكانه