بقلم محمد الغول
المنطقة المغاربية على غرار كل شمال افريقيا خضعت لهيمنة الامبراطورية الرومانية العظيمة ، طبيعة الشعب الأمازيغي التواقة للحرية والرافضة لكل القيود مهما كانت براقة مثل القيود الذهبية لإمبراطورية مثل روما جعل العلاقة مابين الأمازيغ والرومان علاقة متوترة لم تصل فيها روما أبدا إلى درجة السيطرة الكاملة على الارض بفعل المقاومة الشرسة التي أضهرتها القبائل الامازيغية وهو ما جعل هيمنة روما تقتصر على مراكز حظرية، مدن على الطراز الروماني و جعل روما كذالك تقبل بأن تحكم المنطقة المغاربية أسر أمازيغية شكلت ممالك تقبل بالتبعية لروما ولو صوريا لأن روما كان يهمها أكثر المتاجرة مع المنطقة المغاربية الغنية بالانتاج الفلاحي خاصة الحبوب وكروم العنب و حتى هذه الممالك كانت مابين الفينة والأخرى تدخل في حروب طاحنة مع الرومان في تأكيد على رغبتها في الإنعتاق من سلطة روما ، هكذا كان الوضع وهكذا كانت العلاقة مابين الأمازيغ والرومان علاقة توتر رغم أنه كان فيها كثير من التلاقح الثقافي .
سنة 160 قبل الميلاد كانت مملكة نوميديا إحدى الممالك الامازيغية التي قبلت بها روما سلطة على الأرض تعترف بروما وكان يقودها آنذاك الملك ماستنبال و في هذه السنة 160 قبل الميلاد ولد لهذا الملك الأمازيغي طفل غير شرعي حمل إسم يوغرطة ، هذا الطفل سيخلد اسمه في تاريخ روما كما في تاريخ الأمازيغ كواحد من أشجاع القادة في الدفاع عن استقلال أبناء جلدته عن روما وخاض من أجل ذالك حروبا شرسة ضد الجيش الروماني إستمرت حوالي سبع سنوات هزم خلالها بدربته في الحروب وذكائه العسكري روما شر هزيمة في عدد من المعارك .
ترعرع يوغرطة شابا قويا ذو حسن وملاحة بجسد رياضي ومقاتل خبر فنون الحرب بركوب الخيل و مطاردة الحيوانات الضارية في الجبال والغابات ممارسا هواياته الأثيرة القنص .
يوغرطة شب كذلك محبوبا لدى مواطنيه حيث كان يعاملهم في بساطة رغم أنه كان يعد إبنا للملك وإن كان إبنا غير شرعي ، هذه الخصائص التي ميزت يوغرطة جعلت عمه الطامح في تولي عرش نوميديا بعد وفاة شقيقه يحقد عليه ويحسده ،فرغم ان الملك ماستنبال كان له إبن شرعي إلا أنه كان شخصا ضعيف الشخصية مريضا على الدوام وهو ما كان يجعل من يوغرطة مرشحا لتولي العرش بحكم تأثيره في مواطنيه وحبهم له إضافة الى صفات القيادة والشجاعة والذكاء التي أضهرها ، هذا الطموح الذي يعرقله وجود يوغرطة لعمه جعله يفعل كل مافي وسعه للخلاص منه دون أن يجرؤ على أن يصل الى درجة قتله ولكنه وجد الفرصة سانحة عندما أرسلت روما تطالب الملك ماستبال بدعم من الرجال و العتاد لمساعدة الجيش الروماني في حربه في إسبانيا في حصار نومانسيا ، العم مسيبا ألح على شقيقه الملك ماستنبال أن يرسل يوغرطة قائدا للدعم الذي سيرسله نصرة لروما في اسبانيا وهو ما حدث .
يوغرطة سافر بحرا يقود مجموعة من المقاتلين الأمازيغ الأشداء لنصرة روما و إنطلق يوغرطة بمجرد وصوله يمارس فنه في القتال والقيادة وأثبت شجاعة وذكاء ودهاءا حربيا كبيرا أدهش القادة كما شيوخ الكونغرس الروماني الذين حولوا إعجابهم بهذا المقاتل الأمازيغي الشاب إلى صداقة عندما تعرفوا عليه عن قرب وسقطت عنهم أفكارهم المسبقة عن هؤلاء البربر المتوحشين الذين يقاتلون روما التي تسعى لإنارة حياتهم المعتمة بنور حضارتها.
يوغرطة عاد الى بلاده قائدا منتصرا وخبيرا بالحروب يحضى بثقة رجاله إضافة الى ربحه شبكة علاقات واسعة في دواليب السلطة في روما.
(يتبع)