بقلم محمد الغول
الملك ماستيبال قبيل وفاته عبر عن رغبته في تقسيم مملكته نوميديا مابين أبنائه الثلاثة وهو ماوافقت عليه روما لإنه يضعف المملكة الأمازيغية و يخدم مصالحها ورغم أن يوغرطة نال حضه متمثلا في الشق الغربي من المملكة إلا أنه بدا غاضبا أمام رجاله معلنا رغبته في إعادة توحيد المملكة والتخلص من قبضة روما.
يوغرطة دخل في حروب مع أشقائه تدخلت فيها روما أكثر من مرة و تمكن يوغرطة بحد السيف وبدهائه مستفيدا من الفساد الذي يعم دواليب السلطة في روما مستخدما الرشاوى سلاحا فعالا في إبعاد شيوخ الكونغرس الروماني عن طريقه حتى تمكن من دخول عاصمة نوميديا سيرطا معيدا توحيد المملكة تحت قبضته ، الأهم الذي وقع عند دخول يوغرطة عاصمة المملكة أنه أظهر أخيرا حقيقة طموحه في تخليص الأمازيع من سلطة روما و أعلن عدائه بشكل واضح لروما حيث قام بقتل كل التجار الرومان الذين عثر عليهم داخل أسوار المدينة وعلق جثثهم على أسوارها في رسالة واضحة.
يوغرطة أكد طموحاته بزواجه من إبنة بوكوس ملك موريتانيا المملكة الأمازيغية المنافسة وأعلن في صفوف الأمازيغ نداء الحرب ضد روما، رد فعل روما كان إعلان مجلس الشيوخ الحرب على نوميديا و إرسال عضو المجلس لوسيوس بيستيا على رأس قوة لإعادة مملكة نوميديا تحت طاعة روما و عند وصول بيستيا إلى نوميديا قام بإختيار ماسيبا ملك جديدا لنوميديا لكن يوغرطة بدهائه تمكن من مناورة القوات الرومانية وقتل ماسيبا قبل أن يسافر الى روما حيث إستعمل الرشوة سلاحا في الأوساط السياسية الرومانية لإقناع مجلس الشيوخ بتنصيبه ملكا على نوميديا وهو ما رفضه المجلس سنة 110 قبل الميلاد عندما إنتبه الى حقيقة طموح يوغرطة.فشل يوغرطة جعله يدخل مرحلة الحرب المفتوحة ضد روما حيث حشد رجاله وهاجم القوات الرومانية في موقعة مودل سنة 109 قبل الميلاد حيث أبلى يوغرطة ورجاله بلاء حسنا و سحقوا القوات الرومانية و كبدوها خسائر فادحة.
الرومان وبعد هذه الهزيمة الثقيلة غيروا إستراتجية القتال لديهم وتجنبوا حربا مباشرة ضد قوات يوغرطة وبدأو في مهاجمة المدن الرئيسية في مملكة نوميديا زارعين الخراب والدمار في محاولة منهم لتجريد يوغرطة من دعم وحب مواطنيه.
هذا لم يمنع قوات يوغرطة من تكبيد القوات الرومانية هزيمة جديدة في موقعة زاما في نفس السنة 109 قبل الميلاد وبعدها في معارك سيرطا و سودل و ثالا وهو ما جعل القائد الروماني ميثيلوس يتقهقر بما تبقى من قواته في اتجاه قرطاجة في انتظار وصول دعم من روما بحرا هذا الدعم الذي لم يمكن الرومان سوى من تحقيق انتصارات صغيرة أكدت لهم أنهم لن يستطيعوا التخلص من يوغرطة وخاصة في ضوء المساندة التي يتلقاها من صهره ملك مملكة موريتانية.
روما لجأت للمهادنة وطلب التفاوض و إستغل القادة الرومان تكليف يوغرطة صهره بوكوس بالتفاوض معهم ليحاولوا إستمالته الى صفهم مقابل وعد بالحصول على جزء هام من أراضي نوميديا يضمها الى مملكته موريتانيا وهو ماتم الإتفاق عليه حيث قبل بوكوس خيانة زوج إبنته يوغرطة و قام بخديعته حتى التمكن منه وتقيده وتسليمه لقوة رومانية كانت تنتظره حسب الإتفاق وإختلفت الروايات التاريخية حول نهاية يوغرطة هل قتل في الحين وإن كانت الرواية الراجعة تقول بكونه نقل الى روما حيث أعدم شنقا سنة 104 قبل الميلاد لتنتهي بذالك مرحلة من المقاومة الشرسة التي أظهرها الأمازيغ للتواجد الروماني في أراضيهم في كل المناطق المغاربية حاليا وإستمرت حروبها حوالي سبع سنوات و إن كانت نهاية يوغرطة لم تعني نهاية المقاومة الأمازيغية وتلك رواية أخرى نحكيها