محمد الغول :‘’بلطجة العمل المدني’’
طبعا هي ظاهرة ليست بالجديدة ، ونتاج علاقة غير طبيعية ولا سوية تجمع بعضا من الجسم الجمعوي ، وجزءا من السلطة ، الأمر يتعلق بما يمكن تسميته ( بلطجية ) المجتمع المدني ، هذه الظاهرة تقوت و توحشت في الشارع ، بالتزامن مع جهود السلطات في مواجهة جائحة فيروس كورونا.
السلطات و إعتمادا على أعوان السلطة تحت سلطة القواد ، و بهدف تنفيذ ( عمليات تحسيسية ) للمواطنين ، خاصة على مستوى الأحياء الشعبية ، لجأت في إطار توسيع هذه العمليات إلى إشراك المجتمع المدني ، و المشكلة تكمن هنا ، أي مجتمع مدني تم إنتقاؤه للمشاركة في هذا العمل التحسيسي ؟! ، جمعيات الإرتزاق المتمحورة حول شخص رئيس ، مقره مقهى الحي و كل رأسماله خاتم الرئاسة ، يدمغ به كل ورقة وضعها أمامه عون السلطة ( قالك السيد القايد ) ، دون أن يكلف نفسه قراءة فحوى الوثيقة ، هذا إذا كان قادرا على قراءتها أو كانت مكتوبة من أصله ، هذا النوع من الجمعوين الذين سطع نجمهم عند السلطة أيام حراك العشرين من فبراير بتوقيعاتهم و أختامهم على إستنكارات و تنديدات بنشطاء الحراك ، وطبعا تحت الأمر والطلب ، يعودون إلى واجهة الشارع ، هذه المرة بهدف توعوي تحسيسي لا يملكون أبسط قواعده ، بلغة الشارع الساقطة و العنيفة التي يستعملونها مع بسطاء المواطنين ، مستقوين بتواجد عناصر الوقاية المدنية و أعوان السلطة معهم ، يمدون أيدي متسخة بكمامات عاثوا فيها فسادا و لعبا ، و كماماتهم الموبوءة تتمدد تحت حناجرهم ، هل بهذا الخطاب سنحقق التوعية و التحسيس لدى المواطن في موضوع خطير مثل جائحة فيروس كورونا ؟ ، الأمر بتداعيات خطيرة قد لا تكون السلطات المحلية منتبهة لها أمام سعيها إلى الإستعراض في الشارع ( شوفوني راني خدام ) ، فإضافة إلى أن هذا النوع من التعامل والتصرف الخشن يؤتي بنتائج عكسية لدى المواطن ، فهو يزيد من تعميق الهوة بين المواطن والسلطة ، هذه الهوة التي كان من باب أولى في زمن صعب مثل هذا الذي نواجهه أن يتم ردمها ، وهو الأمر الذي كنا قد إستبشرنا به خيرا في بداية الجائحة ، قبل أن ينقلب كل شيئ إلى عكسه ، كما أن هذا النوع من التصرف الأرعن وغير المحسوب العواقب ، يطرد من الساحة المجتمعية ، رجال العمل المدني الحقيقي المؤمنون بقداسة الرسالة و الذين راكموا تجربة وخبرة ، كان من باب أولى أن تستفيد منها السلطات لتحقيق تواصل حقيقي بناء مع المواطن ، خاصة تلك الطاقات الشابة المتحمسة و القادرة على الابتكار و الابداع في صور إقناع المواطن البسيط بخطورة الواقع و الجائحة وضرورة الالتزام والحذر ، نداء الى السلطات أن تنتبه لمزالق ما يحدث ، و تعالج هناته بما يخدم الصالح والمنفعة العامة في مواجهة جائحة لا تميز أحدًا .
محمد الغول
mohamed_elghoul@hotmail.com