طنجة: من فندق شيده رجل أعمال إنجليزي إلى فندق لممارسة الأعمال المخلة بالحياء
يوسف شبعة
مازالت تداعيات مقتل الطفل “عدنان بوشوف” بحر الأسبوع الماضي ترخي بظلالها، فقد أعادت الحادثة المفجعة، ظاهرة الاغتصاب بقوة إلى الواجهة من جديد، وهكذا لا يكاد يمر يوم دون أن تخرج أسرة تفصح عن تعرض أحد فلذات أكبادها لعملية الاغتصاب، آخرها خروج الأمهات بمنطقة “الزميج” الهادئة، باتهام فقيه القرية بالتحرش ببناتهن.
ما وقع في حق الضحية “عدنان بوشوف”سلط الضوء أيضا على عدد من الأماكن والفضاءات التي ارتبط تداولها بذاكرتنا الجمعية كحاضنة للشذوذ بشتى ضروبه، مثل مقبرة بوعراقية التي لا يطيب للسكارى معاقرة الخمر إلا على شواهد قبورها، وكذا الأرض العراء، مطحنة السلطان سابقا بطريق عقبة البلايا والتي تعد كمأوى للمتشردين، إضافة لقلب طنجة النابض،ساحة التاسع أبريل التي تعج ببائعات الهوى و بالإسبان المتقاعدين من ذوي السلوكيات الجنسية الشاذة الذين ينصبون الفخ لطرائدهم بكل السبل، غير أن ما يقع بداخل أسوار باطيو فندق الشجرة بقي محجوبا عن الأنظار، ولا يطفوعلى واجهة الأحداث في السنوات الأخيرة إلا في حالات الحريق،ففي هذا العدد سنسلط الضوء على واحد من أوكار الجريمة بطنجة بشتى تلاوينها.
تشييد فندق الشجرة بغرض التجارة:
يعتقد الكثيرون عند سماعهم باسم “فندق الشجرة” أن الأمر يتعلق بنزل مصنف للمبيت، في حين كلمة فندق، كان يراد في القديم كل بناية يأتي إليها التجار بسلعهم قصد ترويجها، فكانت هذه البنايات تضم في ممراتها وبأروقتها بيوتات صغيرة ينامون فيها إضافة لإسطبل، نفس الشيء ينطبق على فندق المدينة بطريق الصياغين أو ما يعرف اليوم بقيسارية جبالة. هذا ويعود تشييد فندق الشجرة إلى رجل أعمال انجليزي اسمه ” والر” في بداية القرن العشرين.
محمد شكري وفندق اللواط:
من بين الفضاءات التي عرى عنها شكري في روايته الخبز الحافي، فندق الشجرة أو كما سماه في عمله ب “المدينة الصغيرة”حيث تطرق أثناء ذكره للسوق أو البورديل كما وصفه، لكل أنواع الجرائم والانحرافات التي تجري خلف بابه الخشبية المتهالكة بالليل كما بالنهار وعلى مرأى ومسمع الجميع، من ترويج لمادة سلسيون وتجنيدالأطفال في عمليات للسرقة وممارسة اللواط على القاصرين، هذا ولم يفت محمد شكري عند تناوله لفضاء فندق الشجرة على ذكر محاولة اغتصابه عندما كان نائما بسقيفة الفندق وكما جاء على لسانه:
وبينما أنا صاعد الدرج إلى السقيفة اصطدمت بسكير، امتدت يده إلى وجهي ملاطفا وقال:
آ الغزال…فأين ماشي أهذا الغزال؟
أبعدت يده بعنف، قفزت درجتين صاعدا بخوف، أطلق قهقهات:
كتضربياكالعايل…كتنفر( ممسكا بزجاجة نبيذ خاوية) استنى غادي نمشي نعمر هاد القريعة ونرجع دبا. عندك تمشي
تطهير الفضاء وراحة الزوار:
أضحى تطهير فندق الشجرة ومحيطه أمرا ملحا، بل ومطلوبا أكثر من أي وقت فات، وفي سؤال طرحناه على أكثر من شخص عن سبب تبضعهم من الأسواق الكبرى بدل الأسواق المعروفة مثل سوق فندق الشجرة، تقول مثلا الأستاذة – س أ- أن سبب تغيير وجهتها صوب الأسواق الكبرى أملته عليها عدة إكراهات، غياب الأمن بمحيط فندق الشجرة سواء بداخله أو خارجه، كثرة اللصوص مثل هذه المنغصات أثناء التبضع لا تجدها في هذه الأسواق الجديدة بل تجد كل الشروط متوفرة.
أما -ح ش- فقد أكد على ضرورة تأهيل فندق الشجرة لمواكبة باقي الأسواق، فلا يعقل أن يبقى السوق كما هو،بؤرة للصوص وفضاء لبيع جميع أنواع المخدرات وممارسة اللواط، كما لم يفت للمتحدث تعرضه للسرقة قبل سنوات بمحيط السوق.
الشابة -أ د- تلقت سؤالنا باستغراب كبير، فلم يسبق لها قط أن تبضعت من السوق عكس والدتها التي كانت تقصد الفندق كل أحد تقول، مضيفة أن هذا الفضاء يبث الخوف في نفسي لا يعقل أن يجتمع في السوق كل هؤلاء اللصوص والحمقى والعاهرات وأصحاب العاهات الذين يستعرضون عاهاتهم عند مدخل السوق…..مختتمة كلامها بالله عليك ” نخالي مرجان ونجي للفندق”.