الكرسي والتواضع
من تابع الانتخابات الأمريكية سيخرج بنتيجة مفادها، أن الهوس ب“الكرسي“ مثل الفيروس اللعين كرونا يصيب الجميع بدون استثناء، وإذا كانت التجارب السريرية بخصوص لقاح فيروس كرونا دخلت مرحلتها النهائيةببعض الدول، إلا أن فيروس “الكرسي” سيبقى دون أن يصل له الساسة إلى لقاح، حتى أردوغان الذي أعلن عن دخول بلاده المرحلة الأولى من التجارب السريرية للقاح المحتمل لفيروس كرونا، اضطر لتغيير الدستور حفاظا على الكرسي، بل هناك من ذهب حد القول بأن الانقلاب الذي وقع في تركيا من صنعه للحفاظ على بقائه في سدة الحكم، وقس على ذلك ما يجري في باقي الدول العربية من اقتتال على الكرسي
أن يخرج مرشح أو منتخب متهما غريمه بالتزوير وبالتلاعب بالانتخابات باستعمال المال فهذا أمر اعتدنا عليه، بل نفي مثل هذه التهم عن المرشحين فيما بينهم سيكون بحد ذاته إنجاز كبير في طريق تثبيت دعائم الديموقراطية ببلادنا، غير أن ما وقع في الانتخابات الأمريكية يطرح السؤال التالي، ما الفرق بين ديموقراطيتنا الوليدة وديموقراطيتهم العتيدة، فها هو ترامب يتهم بدوره التماسيح والعفاريت بالتلاعب بالانتخابات تماما كما كان يتهم بن كيران خصومه بالأمس، وكما تلتجأ الأحزاب المغربية قبل وبعد فرز الانتخابات إلى المحاكم هاهو ترامب يرفع دعوى قضائية على الحزب الديموقراطي قبل وبعد ظهور النتائج النهائية، و ربما سنسمع في الساعات القادمة بقيام حملة ترامب برفع دعوى قضائية على الرئيس “جوبايدن“ بتهمة استغلال الرموز الدينية في الحملات الانتخابية، وهو نقل صريح من تجربتنا الديموقراطية،حيث سبق أن رفع حزب البام بطنجة دعوى قضائية على وكيل اللائحة نجيب بوليف بدعوى استغلال صومعة سيدي بوعبيد كخلفية دعائية لحملته الانتخابية، يعني إعادة الانتخابات الجزئية ببعض الولايات الأمريكية وارد جدا
وبمناسبة الحديث عن الوزير نجيب بوليف، أذكر في لقاء تواصلي بمركز الحزب برأس المصلى، وعد بدحر أمانديس من طنجة لعدم الوفاء بالتزاماتها بمجرد فوز حزبه بالانتخابات، لكن الأخير بمجرد استوزاره ” الكرسي” نسي معاناة ساكنة المدينة مع فاتورات أمانديس المنتفخة هذه الأيام، كأن تلك المسيرات الغاضبة التي جابت المدينة طولا وعرضا لم تكن يومها، هذا دون أن ننسى تصريحاته في حق قاضي طنجة قبل صدور الحكم عليه والتي عجلت بفصل الأخير من منصبه بتهمة الرشوة، فهل يعود بوليف مرة أخرى من باب أمانديس للترشح للفوز ب“كرسي”عمدة المدينة
غير أن الوجه المشرق في الانتخابات الأمريكية رغم العارض الشاذ في التداول على الحكم في تاريخها والمتمثل في شخص رئيسها الأخرق ترامب، هو“التواضع” وهي الحلقة المفقودة عندنا، فالكل شاهد كيف اتصل باراك أوباما بشابة أمريكية يدعوها للتصويت لصالح المرشح الديموقراطي بايدن، مذكرا إياها بتواضع جم بأن المثحدث معها نفسه باراك أوباما رئيس الأسبق للولايات المتحدة، هذا دون الحديث عن حالة الفرح والسرور التي انتابت الشابة وهي تكلم أول رئيس أسود حكم ليس أمريكا بل العالم، ومن غريب الصدف أن رئيس الحكومة دعا بدوره في تدوينة له هذا الأسبوع الماضيالمواطنين بالتحلي ب “التواضع” في زمن جائحة كرونا، وهو الذي لم يتواضع ويخرج لعموم المواطنين ليشرح لهم حيثياث اتخاذ قرار في منتصف الليل يقضي باغلاق التنقل بين المدن بمناسبة عيد الأضحى، تسبب في تسجيل عشرات الحوادث بطرق السيار واحتراق أخرى في مشهد غير مسبوق بالمغرب
بقي فقط أن نتخيل مشهد رئيس الحكومة أو أي رئيس حزب في المغرب يتصل بالمواطنيين يحثهم للتصويت لصالح حزبه وكيف سيكون رد فعل المواطن المغربي.