كشفت جائحة فيروس “كرونا“ عن التخبط الكبير الذي تعيش على وقعه المؤسسات العمومية، بما فيها طبعا المؤسسات المنتخبة، كما كشفت الجائحة أيضا عن الشره الكبير للمؤسسات الخاصة خصوصا المستشفيات والمؤسسات التعليمية، فلولا الجائحة لم نكن لنعلم أن عدد أسرة الانعاش بسبتة المحتلة يفوق عدد الأسرة عندنا بالمغرب، هذا دون الحديث عن الميزانية الهزيلة المرصودة لقطاع الصحة وعن الفراغ المهول في عدد الأطر الطبية للتصدي للجائحة، أما في قطاع التعليم فأغلبية المدارس العمومية لم يواكبوا تلاميذها التعليم عن بعد بسبب عجز الأباء عن توفير لوائح الكترونية لأبنائهم من جهة وبسبب ضعف الثقة في التعليم عن بعد كما عن قرب.
القطاع السياحي وهو الأكثر تضررا من غيره، أظهرت الجائحة عيوبه بسرعة، مما تطلب من الوزارة الوصية على القطاع إلى الاستنفار من أجل ترقيع هذه العيوب، والغريب في الأمر أن غالبية المنتسبين إلى القطاع شككوا في جميع المبادرات التي أعلنت عنها وزارة السياحة منها على سبيل المثال توفير التغطية الصحية للمرشدين مع تقديم دعم مالي لهذه الفئة، وهو ما تم بالفعل، فقد تم تسجيل غالبية المرشدين بمؤسسة الضمان الاجتماعي للاستفادة من الدعم المالي، وهكذا هرولالمشككون في نوايا الوزارة بالأمس إلى تسوية وضعيتهم بعد أن اكتشفوا أن الوزارة عازمة هذه المرة على تنفيذ التزماتها اتجاههم
غير أن أهم ما كشفت عنه جائجة كرونا إلى جانب التخبط الذي تغرق فيه جل المؤسسات كما قلنا هي ” أزمة الثقةّ ” فإن كان هناك من نموذج تنموي يجب اعتماده بعد هذه الجائحة هو العمل على ارجاع الثقة إلى المواطنين وإلى ممارسة العمل السياسي والحزبي، فما يروج عن اعتماد القاسم الانتخابي خلال الانتخابات المقبلة ماهو إلى خطوة أخرى نحو الخلف واستمرار في تكريس لأزمة “اللاثقة “ بين المواطن والمؤسسات والإدارة،علما أن المحطات الانتخابية ماهي إلا موعد لتجديد الثقة بين المواطن والمؤسسات عبر صناديق الاقتراع
تكريس الثقة يتحمل دوره أيضا المنتخب في ممارسته السياسية، فمن تتبع دورات المقاطعات الأربع الأخيرة يكتشف غياب منسوب أو بالأحرى فقدان الثقة بين مؤسسات الدولة والمنتخب، فغالبية المستشارين عبروا خلال كلماتهم عن استيائهم العارم من حرمانهم من توزيع المعونات على الأسر المعوزة والسبب غياب الثقة في المنتخب من قبل الإدارة
أزمة الثقة التي تعمقت أكثر في ظل جائحة كرونا، بسبب سوء التدبير الحكومي للجائحة من قرارت ليلية تنسخها أخرى صباحا، فإذا كانت الحكومة فشلت في ضبط ساعة هواتف المغاربة منذ الاعتماد على ساعة إضافية فكيف لها أن تكسب ثقة المغاربة في اعتمادها للقاح الصيني، وهكذا فرغم اعلان المغرب عن اقتراب انطلاق حملة التطعيم ضد فيروس كرونا وما يواكب العملية من حشد إعلامي لزرع الثقة في نفوس المواطنين في فعالية ونجاعة اللقاح الصيني إلا أن الوزارة معنية مازالت تجد صعوبة كبيرة في كسب “ثقة ” المغاربة
إن أهم درس قدمته لنا جائحة كرونا هو أن أي نموذج تنموي مستقبلي سيتم اعتماده مالم يقم على أساس الثقة بين المواطن والمؤسسات سيبقى كباقي المشاريع التنموية الفاشلة التي سبقته
مشكلتنا إذن هو العثور على لقاح “الثقة” قبل أي لقاح آخر، بعدها لاضير أن نتحول إلا فئران تجارب في سبيل الوطن