مازال الحديث عن الأوراش الجارية بالمدينة العتيقة تثير الكثير من الانتقادات، آخرها تدوينة فيسبوكية لرئيس احدى الجمعيات الذي يعتقد دائما أن رأيه هو الحق وما دون ذلك باطل، وبالمناسبة سبق أن اشتاط صاحبنا غضبا وقام مغادرا القاعة في احدى اللقاءات عندما اقترحت عليه بكل أدب مجموعة من الأفكار للنهوض بمنزل عبد الله كنون سياحيا، منها مثلا إدراج بيته ضمن الجولات السياحية مقابل مبلغ مادي لكل زائر، حتى لا يبقى رب البيت مرهونا بالدعم، وبالمناسبة نتمنى أن يسارع الرئيس الجديد لجمعية عبد الله كنون بنفض الغبار عن بابه التي اعتلتها الرتيلاء، وأن يقطع مع المرحلة السابقة في تسيير هذا الصرح الثقافي الذي للأسف لم يروج كما ينبغي له، خصوصا أن المدينة العتيقة ستعرف ولادة مجموعة من المؤسسات الثقافية.
عودة إلى موضوع الأوراش التي تجري بدروب المدينة العتيقة، فلا يكاد يمر يوم دون أن نشاهد على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات تعدد مثالب الإصلاحات الجارية، والغريب في الأمر أن نفس الأخطاء رغم التنبيه إليها تتكرر بأزقة أخرى من طرف أصحاب سترات الصفراء
فمثلا بطريق الناصرية، تم للمرة الثانية حفر مواسير ضخمة للواد الحار، وهو نفس الشيء الذي تكرر بزنقة بني عروس ، رغم عدة تنبيهات للساكنة التي لم يأخذ أصحاب السترات الصفراء بعين الاعتبار بها.
سبب هذا الارتباك الحاصل في عملية الترميم والتي أفقد المدينة هويتها وهو ما نتفق فيه مع صاحب الجمعية، مراده غياب تصاميم معدة سلفا لعملية الترميم، وهكذا رأينا مثلا بساحة أمراح إعادة ترميم منزل يعود لأجنبي للمرة الثالثة، والسبب طبعا غياب تصميم مسبق قبل المباشرة بعملية إصلاحه.
حي بني يدر واحد من الأزقة التي يتم مسخ تاريخه على يد أصحاب السترات الصفراء، وهو الحي الذي يزخر ببنايات ذات طابع متفرد عن باقي المنازل الموجودة بالمدينة العتيقة، الحي الذي تتواجد به أول قنصلية أمريكية وبالمناسبة ندعو لوضع لوحة تعريفية بمدخل “درج ميريكان” للتعريف بقصة انشاء هذه البناية، وهو الدرب استقر به المفكر النمساوي محمد أسد قبل أن يغادر طنجة بسبب غضبة عصفت به من قبل الحسن الثاني عندما رد عليه في مجلس خاص قائلا : القاتل والمقتول في النار وبه إلى الآن بيت القاضي التمسماني.
هذا الحي الذي يتنفس الجريمة اليوم بكل أصنافها لم تشفع له حمولته التاريخية لدى أصحاب السترات الصفراء، فتم الاجهاز على “بلكوناته” وهي أجمل ما فيه، شرفات على شكل إكليل من الورود، مثل تلك التي يضعها الرؤساء والزعماء في زيارتهم لقبر جندي مجهول.
إذا لم يتم تدراك ما يمكن تدراكه في عملية ترميم المدينة العتيقة، فما علينا سوى وضع إكليل من الورود على روح طنجة تماما كما يصنع الملوك والزعماء
يا أصحاب السترات الصفراء رفقا بروح طنجة ….المدينة العتيقة.