قرارات مزاجية
في أقل من أسبوع تم تخفيض ثمن تذاكر الولوج إلى منارة “كاب سبارطيل“ إلى ثلاث مرات وفي مقبل الأيام سنسمع عن تخفيضات أخرى، وربما ينتهي المطاف إلى إقرار مجانية زيارتها، وهكذا ستتحول إلى فضاء لأخذ الصور مع القردة والخنازير و فضاء لغناء “كناوة” المزيفين، تماما كما هو واقع بمغارة هرقل، وهنا نفتح قوسا، أين تذهب مداخيل مغارة هرقل، بل أين ذهبت مداخيل مغارة هرقل كل هذه السنين، وأين تصرف، وهذا السؤال لا يحتاج إلا أي جواب، فلو كانت تصرف على الفضاءات المحيطة بمغارة هرقل لكان ذلك جليا واضحا للعيان، فلا شيء تغير في تدبير مغارة هرقل قبل وبعد تدشينها من قبل الملك، رغم أن المغارة هي المعلمة الأكثر زيارة في طنجة، لذا تجد مجموعة من الزوار يتحسرون على شكلها القديم، يحنون إلى رائحة السردين المشوي يكتنف المكان، ورائحة روث الجمال تعانق رائحة ” الطواجن” ، وإلى ذلك الطفل القروي الصغير حمزة بجلبابه الصوفي الذي لا يخلعه عنه صيفا وشتاء، وهو يجر حمارا من خلفه ويجد صعوبة في ركوبه
هذه المشاهد رغم بساطتها كانت تستهوي السياح، بل هذه هي روح طنجة، ونحن نتحدث عن روح طنجة، يحز في نفس ترحيل السوق الأسبوعي من منطقة سيدي بوعبيد وتفريق القرويات على الأسواق الأسبوعية الأخرى، ولكن يعذر بجهله من اتخذ هذا القرار، فقد فاته أن هذا السوق الأسبوعي إلى عهد قريب تحول إلى بطاقة بريدية يسطر على ظهرها السياح كل ما يخالجهم عند زيارتهم لمدينة طنجة مباشرة بعد خروجهم مبهورين من سماع قصص الموتى بمقبرة كنيسة “سانت أندرو” ويرسلونها إلى أحبائهم، بل من اتخذ هذا القرار كان عليه الأولى أن يحذف من الكتب الإرشادية السياحية وبشتى اللغات في العالم، نبذة عن مكان السوق” سيدي بوعبيد“ الذي تنصح هذه الكتب السياح بخوض تجربة التسوق منه، بل هناك كتب تنصح بزيارة سوق أحد الغربية والوقوف على تلك المظاهر التي تبدو لنا بدائية، وهنا تحضرني قصة لا يتسع المقال لسردها.
مزاجية القرارات هي الغالبة في تدبير المرافق السياحية بطنجة، أيضا من القرارات غير الموفقة مسألة منع الوقوف والتوقف بالمدينة، فلا يعقل أن تتحول المدينة العتيقة إلى علامة ممنوع الوقوف والتوقف، مما اضطر التجار إلى تنظيم وقفة احتجاجية بعد تضرر تجارتهم من هذا القرار غير المسؤول
أيضا وضع علامة ممنوع مرور السيارات عند مدخل باب القصبة، عمق من معاناة الساكنة، بل افتقدت “البوطاكاز” بالمدينة العتيقة لعدة أيام، ناهيك عن المرضى وكبار السن الذين تضرروا من هذا القرار بشكل مباشر، والغريب في الأمر رغم وجود علامة ممنوع المرور، إلا أن هذه العلامة تعني فقط نوعا من السيارات دون أخرى، فإذا كنت في زيارة لمطعم معين لا تنطبق عليك هذه العلامة ولا الغرامة، وهنا لابد من الترحم على رئيس المقاطعة السابق يونس الشرقاوي، الأخير رحمة الله عليه عندما قام بعض الفرنسيين من تلقاء أنفسهم بوضع عارضة إلكترونية عند مدخل باب القصبة، انتصر لساكنة المدينة وأمر بإزالتها ومنذ ذلك الحين حظي الراحل يونس الشرقاوي بتعاطف من قبل ساكنة المدينة العتيقة.