ثقافة المهرجانات ، أم مهرجانات الثقافة ؟
محمد الغول
mohamed_elghoul@hotmail.com
نعيش في وطن يعاني من تخمة المهرجانات ، في كل مدينة صغيرة أو كبيرة ، وكل قرية …عشرات المهرجانات من كل لون وشكل وطعم ، تقتطع لها ميزانيات ضخمة ، من الأموال العمومية ، و شركات عمومية وشبه عمومية ، على شكل إشهارات ،لا خيار لهذه الشركات أمامها إلا الإذعان ، تصوروا معي جماعة قروية فقيرة حد عدم توفرها على شارع واحد ، يمكنه حمل هذه الصفة عن جدارة ، تقتطع ميزانية من فقرها ، لتنظم مهرجانا ، تقام حفلاته على أنهار الواد الحار ، هذا يحدث عندنا في هذا الوطن ، يحدث أن ينظم مهرجان للسينما في مدينة لا قاعة للسينما بها! ، يحدث أن ينظم مهرجان للشعر ،دون شاعر واحد! و بدون جمهور! ، يحدث أن ينظم مهرجان للمسرح ، فيفاجئ الجمهور بفرقة مهلهلة للرقص الشعبي على الركح ! ، يحدث أن ينظم مهرجان غنائي ، فينتهي بضحايا ، قتلى و جرحى … كل هذا يحدث في هذا الوطن الذي تتخمه المهرجانات ، دون أن تقيه جوع الفن و الثقافة .
دعونا نتفق أن المشكلة ليست في المهرجانات في حد ذاتها ، رغم تحولها في هذا الوطن إلى سياسة استغباء عرجاء ، تحاول ستر كل مآسي و جروح هذا الوطن ، و رتق كل رقعه المتسعة ؛ في كل العالم ، المهرجانات صناعة استثمارية منتجة للمداخيل ، على عكس ما يحدث عندنا تماما ، حيث هي مجرد بالوعات لإهدار المال العام ، و تبيض للفساد و الريع ، لكي تنجح المهرجانات عندك؟ ، يجب أن تكون منتجا لموضوعها أولا ، وبجودة تستحق العرض و المهرجان ، لكي ينجح مهرجان للسينما ؟ ، يتوجب أولا أن تنتج سينما في المستوى ، وكذلك في المسرح والشعر… و حتى البطاطا إذا شئت .
عبثية سياسة المهرجانات في هذا الوطن ، تجاوزت كل حدود المعقول والمنطق و البساطة ، إلى عشوائية و فوضى مطلقة ، سوق شعبي ، و موسم يشارك فيه الجميع ، محاولا أن يناله من المرق حظ و نصيب ،حتى تحول الأمر إلى نشر لثقافة المهرجانات ، و إدمان لها ، عوضا عن مهرجانات للثقافة ، ونشرها .