لقد أحبوا العمدة فؤاد العماري لأنه أحب التعمير، ولم يحبوا خلفه البشير العبدلاوي لأنه لم يحب التعمير، ثم جاء منير الليموري وظل حائرا بين من أحبوا العماري ومن أحبوا العبدلاوي، وبقي حب التعمير عالقا يتأرجح بين كفتي غرام المنتخبين وعشق السلطة.
وهكذا أحبوا الوالي محمد المهيدية لأنه أحب التعمير حبا أعمى، تارة كان يجعله عاليا بلا حدود وتارة أخرى يجعله تحت الأنقاض، قبل أن يرحل ويترك المحبين أيتاما يكتوون بنار الحب.
وبعده حل الوالي يونس التازي، الذي لم يحبوه من أول نظرة، وكادوا يجعلون منه وزيرا للداخلية فقط ليترك مكانه في هذه الجهة لمن يحب تعميرهم، ويعود المحبين ليغنون على ليلاهم بهواهم، كالمطلقة التي تبحث عن النفقة ولا يهمها مصير من كانت تناديه حبيبي، فهو يستحق ذلك إن كان حبه استغلالا وتقصيرا، وهي تستحق وضعها أيضا إن كان حبها نفاقا ومصلحة، لكن الأدهى والأمر أن الفراق في مثل هذا الحب، يظل مع كل ذلك يتحين الحنين إلى العناق من جديد بين الحبيبين رغم يقينهما بطبيعة حبهما المغشوش، فالأهم وفق منظورهم هي الاستفادة قدر الإمكان من أعمال نحبها لأنفسنا لأن فيها مصلحتنا، ونكرهها حين يكون في حبها مصلحة الجميع.
فهل قدر طنجة أن يتلخص تدبيرها فقط في التهافت على تراخيص البناء والتجزئات وأطماع تصاميم التهيئة العمرانية؟، لدرجة أن جعلوا المدينة تتوسع عشوائيا، أفقيا وعموديا، بلا حسيب ولا رقيب، بسبب جشع البناء، الذي يزحف عليها بدون تخطيط يحمي هويتها ومستقبلها مع ما تعيشه من نمو ديموغرافي غير مسبوق.
وكما لا ينفع التطبيل، لا يفيد التبخيس أيضا، فلا جدوى من التدقيق في التفاصيل الصغيرة لقتل الأهداف الكبيرة، باعتبار أن طريق الإصلاح شاق وطويل لكن إذا توفرت على الأقل حسن النية، تقصر المسافات.
وفي نهاية المطاف، كل مسؤول يلخص رجع صدى مساره المهني بين عبارتين: “الله يعمرها سلعة” أو “الله يخليها سلعة”، وطبعا لا يتأثر بهما سوى من كان له ضمير حي أو حتى مستتر، مع إعفاء أصحاب ضمائر النصب..