بقلم محمد الغول
مع إقتراب سنة 1932 من نهايتها ، كانت قوات الإستعمار الفرنسي لازالت ترواح مكانها في مناطق الأطلس ، تواجه مقاومة شرسة ولاتنتهي من معركة إلا لتنتقل إلى أخرى ، سنوات طويلة بعد فرضها إتفاقية الحماية سنة 1912 على السلطان بفاس .
العام 1932 وبعد مجهود حربي كبير وبدعم من قوات قائد مراكش الكلاوي الموالي للإستعمار الفرنسي ، تمكنوا من إسكات بنادق المقاومة في أحواز مراكش بقيادة المقاوم أحمد الهيبة .
هذه السنة 1932 إستشعرت قبائل أيت عطا في الجنوب الشرقي الخطر الكامن ليس في رغبة الإستعمار الفرنسي المنهكة قواته في القضاء على أخر معاقل المقاومة فقط ، بل الخطر الكامن في الرغبة المعلنة لقائد مراكش الكلاوي في النيل من هيبة هذه القبائل ، مستغلا تحالفه مع الإستعمار لتحقيق مآربه في الهيمنة على مناطق قبائل أيت عطا ، قوات الكلاوي كانت قد بدأت بشكل مبكر مناواشتها في أطراف هذه المناطق الجبلية الصعبة .
قبائل أيت عطا ومع إستشعارها الخطر الكامن في طموح الكلاوي ، عقدت سنة 1932 إجتماعا كبيرا بقصر تاغيا و إنتخبت في منصب أمغار نأوفلا أي القائد العام لتحالفها عسو أوبسلام ، وكلفوه بالبدئ في الإعداد للمعركة القادمة ولاشك د الفرنسيين و الكلاوي .
عسو أوبسلام بدأ فعلا استعدادته بالتأكد من وحدة قبائل أيت عطا ورائه في المعركة ، خاصة أن الفرنسيين كانوا قد بدأو معركة شراء للذمم في المنطقة ، هكذا تمكن عسو أوبسلام من توحيد قبائل آيت آخباش و آيت آعزي و آيت حليم و آيت لال وقبل أطياف آيت عطا وقبائل أمازيغية مجاورة تحت رايته .
القائد العام عسو أوبسلام وبعد توحيده القبائل ، قرر نقل قواته ومعها قبائل أيت عطا إلى عمق مرتفعات المنطقة ، إلى قمم جبل صاغرو ، الذي يبلغ إرتفاعه حوالي 2275 مترا بموقع استراتيجي ، يمكنه من التحكم ومراقبة المنطقة على مساحات شاسعة كما أن الموقع ، يؤمن الحماية أمام التفوق النوعي في الأسلحة لدى العدو متمثلا في المدفعية البعيدة المدى و كذا الطيران الحربي .
عسو أوبسلام ، قسم قواته التي وصل قوامها إلى حوالي سبعة ألاف رجل مسلحين بالبنادق ، قسمهم إلى ثلاث فرق ، إحداها تمركزت بمرتفع جبل بادو والثانية إستقرت بكلميم و الثالثة بقيادته شكلت مركز القيادة العامة في قمة جبل بوغافر أعلى قمم منطقة صاغرو .
مع بداية تقدم قوات الفرنسيين ، ومعها وحدات من قوات الآهالي والكوم وقوات القائد الكلاوي ، إنطلاقا من أحواز مراكش عبر الدروب الصعبة والضيقة للأطلس، بدأ عسو أوبسلام تنفيذ خططه العسكرية ، مستفيدا من تجارب حرب الريف لعبد الكريم الخطابي و كذا معارك الزيانيين بقيادة موحا أوحمو ، حيث شن عسو أوبسلام حرب عصابات خاطفة على الجيش الفرنسي الثقيل العدة والعتاد ، المشكل من أزيد من ثمانين ألف رجل والثقيل المسير عبر دروب جبال الأطلس لتأمين خطط تموينه من مراكش و ورزازات خوفا من قطعها من طرف المقاوميين ، رجال عسو أوبسلام كبدوا القوات الفرنسية خسائر فادحة في الرجال والعتاد في معارك خاطفة ، إختاروا توقيتها و مسرحها في كل من تاوزا ندايف ثم تازارين و ناقوب ، حيث جن جنون القادة الفرنسيين أمام هذا العدو الشبح ، الذي يظهر ليضرب ضربته ويختفي في ضباب الجبل بهدوء الذئاب الجبلية الضارية.
(يتبع)