محمد الغول يكتب :”الحل الصحي، قبل الأمني”
طبعا لا ينكر أحد الدور الذي تلعبه المصالح الأمنية وقامت به حتى الآن في مواجهة الجائحة ، هذا سيكون إجحافا ، لكن هل فعلا في طنجة المشكل أمني ؟ ، ويحتاج حلا أمنيًا ، هل سيوقف الحل الأمني هذا التسارع المخيف في عداد الوفيات بالمدينة ؟ ، بشكل لا يقارن بباقي مناطق هذا الوطن ، لا أعتقد .
الأرقام واضحة ، طنجة لا تختلف عن باقي المناطق ذات الكثافة السكانية الكبيرة في هذا الوطن ، بل حتى لا تتقدمها رغم وضعها الإقتصادي و الديموغرافي الجاذب ، مثلا في إجمالي الحالات الحرجة ، طنجة وحسب الأرقام الرسمية لوزارة الصحة تأتي ثالثة بعد الدار البيضاء ومراكش ، ومع ذلك فأرقام الوفيات مفجعة بالمدينة ، كيف لا تكون كذلك ، عندما تتحدث الوزارة عن 18 حالة خطيرة بجهة طنجة تطوان الحسيمة ، حالتين فقط منها تحت التنفس الصناعي ، وترتب طنجة ثالثة وطنيا في عدد الحالات الحرجة ، وبعدها بأربع وعشرين ساعة ، تخبرنا ذات الوزارة عن 14 حالة وفاة بالجهة ، 13 منها بطنجة من أصل 18 حالة وفاة وطنيا ، و الأدهى والأمر أن لا أحدًا يكلف نفسه عناء تقديم أي تفسير أو توضيح ، على وقع تناسل تساؤلات بحجم الفجيعة لدى ساكنة المدينة ، التي لوحدها منفردة عن باقي الوطن ، بقيت بها الإجراءات مشددة ، ولم تخفف إلا بشكل جزئي ، حتى شواطئها بقيت مغلقة أمام العموم ، فهل الحل الأمني هو الحل الحقيقي لهذا الواقع ؟ ، أم هو هروب إلى الأمام ، تجنبا للإجابة على السؤال الحقيقي ، الواقع الكارثي لقطاع الصحة بالمدينة ، فقط بالمعايير الوطنية .
قد يفهم جيدا و يتفهم اللجوء الى الحل الأمني ، لو كان الأمر يتعلق بإستهتار مبالغ فيه بطنجة ، يختلف عن واقع الإلتزام بالقواعد و القيود الصحية عن بقية مناطق الوطن ، لكن هذا لا يحدث وليس واقعا ، وعي وتصرفات الساكنة في مواجهة الجائحة ، لا يختلف عن بقية الوطن ، الوقت حان لتقديم إجابة حقيقية للتحديات بمدينة مليونية ، من العار والمخجل أن يكون عدد أسرة الإنعاش بها ووسط أزمة صحية جارفة ، لا تصل حتى الأربعين سريرا ، لسن هنا بصدد إتهام أحد ، أو التحامل على أحد ، أو تحميل المسئولية لأحد ، ليس لأنه ليس هناك مخطئون ، بل لأن الوضع لا يسمح بذلك ، الوقت للعمل على إنقاذ الوضع بالمدينة قبل أن يخرج على السيطرة بشكل كامل ، نعم للمجهود الأمني في مواجهة الجائحة ، لكن قبل ذلك ألف نعم للمجهود و الحلول الصحية ، و أولها و بشكل عاجل ، تعزيز أسرة الإنعاش و أجهزة التنفس بالمدينة .