تواصل معدلات و أرقام الانتحار في مجتمعنا جنونها الظالم ، مدن الشماللوحدها ، أرقامها مرعبة ، خاصة عندما تفاجئك في بلدات ومدن صغيرةوهادئة ، مثل باب برد أو شفشاون ، مخلفة أسئلة بحجم الوجع ، ماذا يحدثفي هذا المجتمع ، و أي طامة أصابته إلى حد العمى ، تجره في كل اتجاهومنزلق .
حالات الانتحار هذه و بأرقامها المهولة يتناقلها إعلامنا بهدوء بارد ، و أناأتفهم طبعا فالأمر يحتاج دراسات علمية و اجتماعية ، لا نصيب لنا في ترفها، لكن محاولات “التجيير“ التي يحاول بعض من هذا الإعلام ، خاصةالإلكتروني منه ، صبغ هذه الظاهرة المؤلمة بها وتحويلها إلى أسباب نفسيةوعاطفية وفي أسوأ الأحوال ، مخدرات وإدمان ، كأنه انتحار في مجتمعاتتعيش التخمة على سبيل مثال دول أوروبا الشمالية ، هو الذي يثير كثيرا مناستيائي ، دون أن أتهم أو أعمم أو أحاكم النيات طبعا .
الانتحار في وطننا هذا ونحن أعلم بخوخنا ، سببها الرئيسي و الأساسي هوالوضع الاقتصادي والاجتماعي و انغلاق الأفق ، ولا. لمحاولة تغطية الشمسبرداء مثقوب متهرئ ، هذا لا يعني طبعا أنه ليست هناك حالات انتحار ،يكون مبررها نفسي أو عاطفي ، لكن القاعدة أن السبب وضع اقتصادي واجتماعي سيئ ويزداد سوءا ، في غياب أي دعم أو إستراتيجية واضحة ،فالدولة آخر همها هذه الظاهرة ولا تدخل حتى في أدبياتها ، و أفق يزدادانغلاقا ، هذا الوضع الذي يشتد ظلامه أكثر في ظل تداعيات هذه الجائحة ،ما يترك فئات اجتماعية كثيرة ، خاصة الشباب عرضة لفقد الثقة و الأمل ،والدليل واضح أمامنا ، لا يمكن إنكاره ، أرقام حالات الانتحار التي كانتمقلقة ، أصبحت مخيفة خلال هذه الفترة ، أما العودة القوية للهجرة بشكلهاالمتوحش ، والتي هي بشكل أو آخر نوع من الانتحار ، لكنه انتحار يمتلك فيهالمنتحر ترف المقامرة لا غير ، كلها أجراس إنذار ، تدق بقوة فوق رؤوسنا ،لكن صممنا قديم ، ولامبالاتنا عتيقة ، المجتمع كما الدولة ، نكتفي باحتسابالأرقام و نقل الأخبار ، و في أفضل أحوالنا حسرة عابرة ، سرعان ماتجرفها دوامة الحياة اليومية القاتلة .
mohamed_elghoul@hotmail.com