كانت محنة كورونا، مناسبة “لإعادة الاعتبار” لأعوان السلطة، بعدما انتقلوا من صفة عون إلى صاحب سلطة، حين حملتهم الداخلية مسؤوليات كبيرة من بينها توزيع رخص التنقل وتتبع المصابين والمخالطين ومراقبة تطبيق تدابير حالة الطوارئ الصحية، وهكذا صار المقدم والشيخ من رجالات الدولة في زمن الجائحة، وطبعا هذا التحول استثمره العديد من أعوان السلطة لتحقيق مكاسب مادية، فاقت على ما يبدو ما كان يوفره لهم عالم البناء السري.
الداخلية تقول أن الأعراس ممنوعة بموجب قانون حالة الطوارئ الصحية، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي لم تتوقف الحفلات بكل قواعدها، والعنصر الأساسي في هذه اللعبة ما بين “الحلال والحرام” هو عون السلطة، فإذا أقيم حفل بدون “إذنه” فمصير أصحابه (الحفل) تصدر صفحات مواقع إخبارية بدعوى “اكتشاف” خرق لحالة الطوارئ الصحية ومخالفة القانون مع الدعوة إلى معاقبة المخالفين ليكونوا عبرة لمن حاول الاحتفال ضد إرادة السلطة وأعوانها.
ولا يعقل أن يكون ما يتحدث عنه ساكنة المدينة، حول دفع فلان مبلغ 5 آلاف درهم وآخر 10 آلاف درهم لإقامة حفل زفاف بمنزله، وقيام عريس بتقديم رشوة لتفادي “الشوهة”، ومساومة البعض مقابلا لتهديد بإشعار الشرطة، والعديد من الحالات الأخرى التي عاشتها المدينة طيلة الأشهر الأخيرة، ( لا يعقل ) الشاهد الوحيد هو عون السلطة والباقي “ما شافشي حاجة”، لا القائد ولا الباشا ولا رئيس الشؤون الداخلية، الكل خارج التغطية، فقط ترك المقدم لوحده يغطي الطوارئ بالغربال؟؟.
يمكن تفهم رغبة العديد من الأسر في الاحتفال بأبنائهم وبناتهم، بعدما طال انتظار انسحاب كابوس كورونا، وهو الأمر الذي كان يفرض وضع معايير محددة يستفيد منها الجميع من أصحاب الحفل والعاملين في هذا القطاع، دون إتاحة الفرصة لمن يسعون ل “شرعنة الفساد” عبر جعل آليات المراقبة وسيلة لابتزاز المواطنين، سواء تعلق الأمر برصد التجمعات المضرة بالسلامة الصحية أو تتبع مواقيت الفتح والإغلاق، خاصة وأن “السلطة” التي صفق لها الجميع وهي تقف في الواجهة مع بداية أزمة كورونا، قد تفقد مكاسبها نتيجة سوء توظيف سلطتها.