شحذ الجميع سكاكينهم ، و تبريراتهم و أشهروا نضالهم المعتق في أعمق سراديب خوفهم ، و هبوا هبة قلب واحد ، لتعليق المشانق و نصب المصالب ، لرجل واحد ، كل ذنبه أنه نتاج منظومة فاسدة .
قد يبدو لكم هذا التصوير مبالغا ، لكن هذا ما وقع بالفعل ، نحن مجتمع مريض ، يحتاج إلى تشريح و علاج عاجل ، كيف يعقل أن يتدفق كل هذا الكم من الحقد لدى البعض تجاه شخص واحد فقط ، نريد تحميله ، كل أخطاء و مثالب منظومتنا المجتمعية و المتراكمة لعقود ، و لمن لم يفهم ما أقصده بعد ، أتحدث هنا عن الحملة الشعواء التي يشنها الجميع ، على ( عون السلطة ، أو شبه عون سلطة ، أو بلطجي …) ، لنسمه ما شئنا ، الأمر لا يغير شيئا ، ظهر في مقاطع فيديو و هو يمارس العنف على متظاهرين مسالمين (المتعاقدين) ، تحت مرأى ومسمع السلطات ، في يوم شهد عشرات حالات العنف ، لكننا ركزنا كل غضبنا على حالة واحدة ، كأنها هي عصب كل شيء ، لست هنا بصدد الدفاع عن المذنب ، لكني بصدد تحديد حجم ذنبه ، هو مذنب في حدود ذنبه ، و لا يمكننا أن نلبسه لبوس كل أخطائنا ، و حتى السلطات استغلت هوسنا العنيف هذا ، و كان جوابها في حدود فهمنا القاصر.
الخطأ ليس في عون السلطة رغم أنه مذنب ، الخطأ يوجد في منظومتنا المجتمعية التي تشرعن عنف السلطة ، أي سلطة ، سلطة الأب أو المعلم أو الزوج أو موظف الأمن وحتى عون السلطة… سأضرب لكم مثالا ، رجل الأمن الخاص (وهذا يعمل وفق أسوأ أنواع التعاقد و الاستغلال في هذا الوطن) هذا المواطن المستغل ، المنتهكة حقوقه ، يتحول إلى أسد طاغية على المواطنين بمجرد أن يقف حارسا عند بوابة إدارة عمومية أو مستشفى ، فيمنع و يصفع و يغضب و يشتم و يرتشي … فقط بذلك الهامش البسيط جدا من السلطة الممنوحة له ، و إذا ناقشته ، جوابه ( الطرف د الخبز ، و المغربي راسو قاسح ، كيفهم غير بالعين الحمراء ) ، هذا المثال يمكنكم ، سحبه على كل أفراد هذا المجتمع بدون تردد ، رغم تلك الفئة النادرة التي لا يمكن إنكار وجودها ، فهي منيرة وسط سوادنا العظيم هذا ، لهذا رجاء توقفوا عن نصب المشانق ، ووجهوا سهامكم إلى قلب الخطأ و سببه و ليس إلى نتيجته وجوانبه ، لأن ذلك لن يغير في واقعنا شيئا ، سيعاقب (عون السلطة) و يفصل ، وهو الذي كان ينفذ الأوامر ( و كيزيد فيها ) ظنًا منه أنه يثبت أقدامه في منصبه ( بحثا عن الرزق ) ، وسنهدأ و ننسى ، لكن هل سيغير ذلك شيئا ، و حتى لا نذهب بذنبه ، لا أعتقد ذلك ، الأمر أعقد من ذلك بكثير جدا جدا.