مدينة طنجة الكبرى على صفيح الاستحقاقات الانتخابية الساخن: من يصلح للتسيير والتدبير؟
ذ. عبد الحق الحطاب باحث في الشؤون القانونية ناشط حقوقي وفاعل جمعوي عضو المركز المتوسطي للدراسات القانونية والقضائية الكاتب العام للمنتدى الوطني لأطر الإدارة القضائية الباحثين
على بعد أيام قليلة من انتهاء الحسابات والكواليس المرتبطة بانتخابات الغرف المهنية، وبمناسبة اقتراب حلول تاريخ الاستحقاقات المقبلة المتعلقة بالجماعات الترابية والمجالس الجهوية والتمثيلية البرلمانية التي ستجرى في سياق تاريخي متميز وأجواء غير مسبوقة، في خضم انتشار جائحة كوفيد 19وتأثيراتها متعددة الأبعاد، ها هي المنافسة تحتدم من جديد بين الأطياف والألوان السياسية والحزبية ببلادنا، وكل حزب بما لديهمفرحون. ويتساءل المواطن الطنجي بشدة حول من يصلح لتدبير وتسيير المدينة، ليس فقط بمشاريعها الاستثمارية والاقتصادية الضخمة وأواراشها الهيكلية المفتوحة، وإنما أيضا بمشاكلها اللامتناهية وإكراهاتها وتحدياتها الآنية والمستقبلية وسقف طموحاتها العالية.
ولا يكاد المتتبع للمشهد السياسي والحقوقي على الصعيد المحلي والجهوي، يلاحظ أي تجديد ملموس من حيث نمط الحملات الترويجية الجمة والمتوالية التي تجوب طيلة هذه الفترة الأخيرةالأحياء والشوارع الرئيسية وحتى الأزقة الهامشية والمناطق النائية بالمقاطعات الأربع التابعة للنفوذ الترابي لعروس الشمال، ما عدا بعض الروتوشات التحديثية إن صح التعبير، تهم أساسا توظيف مواقع التواصل الاجتماعي ووسائط التكنولوجيا كدعامة إشهارية للوصول إلى أعلى نسبة متاحة من الجمهور ولا سيما من فئة الشباب من كلا الجنسين، وإقحام أسماء ووجوه شابة واعدة لتأتيث المشهد السياسي ومسايرة المطالب والشعارات المرفوعة واستجابة للأصوات المنادية بالتغيير، في محاولة لذر الرماد على العيون، بل إن تلك الطاقات المتجددة المتميزة بالكفاءة والجودة أحيانا تشبه الشجرة التي تخفي الغابة، وتبدو كأنها مجرد ورقة رابحة مستغلة بين يدي المترشحين الكبار المألوفين والمعروفين لدى عامة الناس والساكنة، وتم الرمي والزج بها وإدراجها ضمن اللوائح المقدمة، كفرصة للظهور ولإثبات الحضورمن جهة أولى، وكتطعيم وطعم مزدوج لجني أصوات الهيئة الناخبة واستمالتها وربما استدراجها لاختيارهم بأي ثمن ومهما كانت الطريقة أو الوسيلة من جهة ثانية للظفر بمقعد مريح ولكسب المزيد من الامتيازات بفعل ما يقوله لهم الانتداب السياسي.
نفس الشيء يسري تماما على نوعية البرامج المتناسلة التي لا تختلف في محتواها إجمالا إلا من حيث الصياغة والأسلوب، ويجدها العادي والبادي والقاصي والداني تشتمل على الأفكار والعناوين ذاتها ونسخ متكررة متداولة ومبتذلة يتم اجترارها في الزمان والمكان على نطاق واسع. وصدق القائل: ليس في القنافذ أملس.
صحيح أن الأحزاب سواء الموصوفة بالتقليدية والكلاسيكية أو الكبيرة والمغمورة بما لها من أدوار دستورية طلائعية لا يستهان بها وبمرشحيها الشباب أوالشياب، لا تملك إطلاقا عصا سحرية أو خلطة خارقة لصنع المستحيل أو لتغيير الواقع المعاش بين عشية وضحاها، ولكن المواطن الطنجي يراهن حتما على صدقية الوعود المسطرة بالبرامج وجدية الالتزام بها حرفيا، وتنزيلها عند ممارسة السلطة أو المشاركة فيها سواء من داخل الأسوار المسيجة للأغلبية أو من خارجها عبر الالتحاق بركب المعارضة.
وعموما، فالإشكال الحقيقي الذي سيواجهه المواطن سواء عند الإدلاء بصوته النفيس أو اتخاذه موقف العزوف أو المقاطعة إزاء هذا التمرين الديموقراطي الذي سيعود بعد مضي خمس سنوات، لا يكمن في الإصلاح أو جوهره، بل على العكس من ذلك، فهو يتمثل في من سيقود الإصلاح أصلا، وهنا يصبح المواطن مسؤولا لوحده عن قناعاته الراسخة. وعليه أن يكون سيد اللحظة وفي مستواها بحكم كونه يظل الرقيب والحسيب.
وفي انتظار صدور النتائج وانبثاق الخريطة السياسية المرحلية المرتقبة وكشف معالمها، ستبقى طنجة الكبرى على صفيح ساخن.