مؤسسة الحرب والتعليم
يوسف شبعة
كشف وباء فيروس كورونا عن مدى عدم وعي المؤسسات التعليمية الخاصة بدورها المنوط لها، ألا وهو التربية والتعليم، كما كشف الوباء مدى القصور لدى المؤسسات أباء وأولياء التلاميذ ، حيث انصبت معظم تصريحات آباء وأولياء التلميذ بأبواب المدارس فقط على المطالبة بخفض المستحقات العالقة بذمتهم، بحجة انخفاض استهلاك الماء والكهرباء ومصاريف استهلاك البنزين وهي مطالب معقولة طبعا جراء توقف الحركة الاقتصادية، من جهتها طالبتالمؤسسات الخاصة كنوع من التحدي، بمستحقاتها كاملة ضاربة عرض الحائط كون التلميذ هو نتاج المؤسستين معا، وأي إقصاء من طرف جهة لأخرى كفيل بالحصول على التلميذ” العالة” تماما مثل أي منتوج غير قابل للاستهلاك جراء عطل في ألة الإنتاج أو في المادة الأولية المصنع منها.
من جملة ما حسر عنه الوباء أيضا، أزمة الوعي الضارب في المجتمع، يكفي أن تقرأ التعليقات التي ذيلت جراء هذا الصراع بين المؤسستين على مواقع التواصل الاجتماعي، لتشم رائحة الحقد المتصاعدة من بين ثنايا التعليقات من طرف أبناء الوطن الواحد، حتى أن بعضها ذهب إلى أن الشنآن الواقع بين المؤسستين هو عقاب إلهي، مثل كورونا.
لكن أهم ما كشفه الوباء، هو جهل المؤسسات التعليمية الخاصة بدورها، وهو المساهمة في بناء المواطن، فالطبيب الذي هو اليوم ف الصفوف الأولى ضد معركة كورونا، هو تلميذ الأمس، فالدولة عندما ترخص للمؤسسات التعليمية لفتح أبوابها إنما تضع فيها ثقتها للمساهمة معها في بناء الوطن، هو تشريف وتكليف من طرف الدولة للمؤسسات التعليمية الخاصة.
ومما غاب عن هذه المؤسسات التعليمة، أن المعرفة قائمة على الحب، حب التعلم الذي هو شرط في تحصيل العلوم، بحيث بقدر ما ارتفع حب التلميذ للمعرفة ازداد إقباله للتعلم، فكيف ننتظر من التلميذ الاقبال بشغف على التعلم والمعرفة عندما يجد نفسه ممنوعا من الولوج لمنصة التعلم عن بعد بدعوى عدم أداء السومة الشهرية، وكأن المؤسسة التعليمية استغنت عن وظيفتها الأساس التربية والتعليم وغيرتها بمقاولة عقارية تطلب من زبنائها ” النوار”.
أما الحديث عن الإبداع وهو الشرط الثاني في عملية التعلم وعلاقته بالمؤسسات التعليمية الخاصة، فهو ضرب من الخيال الذي بذوره الشرط الثالث في العملية التعليمية، لأن المؤسسة التي ترفع عقيرتها في وجه أباء وأولياء التلاميذ ضدا على فلذة أكبادها لا يؤمن تعليمها.
وهذا ما يجب أن يؤخذ في عين الاعتبار أثناء إعداد النموذج التنموي الجديد، هو مدى التزام المؤسسات الخاصة في المساهمة في بناء الوطن .