طنجة: مدينة مليونية بمداومة صيدلية محدودة !!!
أنس الحداوي العلمي
إن التوسع العمراني و النمو الديمغرافي اللذان تعرفهما مدينة طنجة في العقدين الأخيرين، قد ساهما في بروز مجموعة من الاختلالات البنيوية و العضوية بالعديد من المجالات الحيوية، التي انعكست على الحياة اليومية للمواطنين في ظل غياب أي مقاربة أو دراسة ميدانية يمكن أن تقوم باستشراف هذه الإكراهات لإيجاد حلول لها في مدينة مليونية باتت شبه عاجزة عن مسايرة هذه التحولات التي فرضت نفسها بشدة على الجميع و بدون استثناء.
“لاكرونيك” و من خلال مواكبتها الميدانية لكل المشاكل التي تتخبط فيها المدينة تحاول قدر الإمكانيات المتاحة إلى إثارة بعض هذه المواضيع لعل ذلك يوقظ ضمير المسؤولين المحليين، لكن بالنقد البناء و تقديم الاقتراحات و الحلول في إطار ما تمليه علينا أخلاقيات المهنة من جهة، و من جهة أخرى للغيرة على هذه المدينة، التي ما فتئت تقاوم الإعصارات من أجل الارتقاء إلى مصاف المدن النموذجية بحوض البحر الأبيض المتوسط.
هذا الأسبوع سوف نسلط الضوء على مشكل على مشكل يتفاقم يوما بعد يوم دون مبالاة من الأجهزة المتداخلة و الوصية على القطاع، انه مشكل صيدليات الحراسة بالمدينة و الصعوبات التي يواجهها المواطنون فيما يتعلق بمحدودية الخدمات في هذا الشأن، التي لا تتناسب إطلاقا مع حجم مدينة البوغاز التي غذت حاضرة مليونية لكن بإمكانيات متواضعة.
“لاكرونيك” نزلت إلى الشارع فقامت باستقراء أراء المواطنين بخصوص هذا الموضوع، حيث أجمعت أغلبية الآراء على ضرورة مراجعة نظام الحراسة الصيدلية الذي أضحى متجاوزا بالمقارنة مع قاعدة العرض و الطلب، التي تعرف اختلالا كبيرا يؤدي ضريبتها في النهاية المواطن المغلوب على أمره.
فمن بين المستاءين من نظام المداومة بطنجة، المواطن علي (إطار بنكي) الذي أوضح أن سبعة صيدليات بالنهار طيلة الأسبوع و أربع صيدليات فقط بالليل، لم يعد كافيا و مقبولا بالنسبة لمدينة مليونية مترامية الأطراف، مضيفا في نفس السياق أن النظام المعمول به حاليا يتسبب في جملة من المشاكل، بدءا من بعد الصيدليات و مرورا بالاكتظاظ و انتهاء بصعوبة العثور عليها وسط الأحياء الجديدة.
و تبعا لذلك طالب المتحدث ذاته بالإسراع في مراجعة نظام المداومة الليلية للصيدليات، بالأخذ في عين الاعتبار التقسيم الترابي للمدينة التي تتكون من أربع مقاطعات، يتم فيه ( نظام الحراسة) على الكثافة السكانية و التوسع العمراني التي تشتكي من النقص في عدد الصيدليات التي تؤمن الحراسة خلال الليل و أثناء نهاية الأسبوع و العطل و الأعياد الدينية و الوطنية.
بدورها رأت عايدة (طالبة جامعية) أن معاناة المواطنين مع صيدليات الحراسة ليست وليدة اليوم، بل هي نتيجة تراكمات سابقة، إلا أن نقابة الصيادلة بطنجة فيما يبدو أنها خارج التغطية، أمام استمرار هذه المعاناة جراء العدد غير الكافي لصيدليات الحراسة. إذ يشتكي العديد من المواطنين الذي ساقتهم ظروفهم الصحية المستعجلة أو لمرضاهم إلى التيه ليلا بين ضواحي المدينة، مما يشكل خطرا حقيقيا على صحة المرضى و الحالة المزمنة منهم.
حيث تساءلت المتحدثة ذاتها انه كيف يعقل أن عددا من الباحثين عن الأدوية لا يتمكن العديد منهم من شراء الأدوية المطلوبة، إذ يضطر المعنيون بالأمر إلى شد الرحال صوب صيدلية أخرى بعيدة و هكذا دواليك، لعدم استطاعتها في بعض الأحيان من توفير جميع الأدوية مما يضاعف من معاناة المرضى أو ذويهم.
أما منصف ( مستخدم سابق بصيدلية الحراسة) فيحن إلى الماضي الجميل حينما كان يعمل بصيدلية الحراسة أمام سينما باريس، حيث كانت هذه الصيدلية ملاذا للطنجاويين الباحثين عن الأدوية القادمين إليها من مختلف أحياء المدينة المترامية الأطراف.
لذلك فهو يتحسر على هذه التجربة الفريدة من نوعها التي كانت بمدينة طنجة/، مقابل الارتجالية التي يتم بها توزيع المداومة على الصيدليات، التي تبث أنها باتت متجاوزة و يجب إعادة النظر فيها من طرف المهنيين، لأن النظام المعلوماتي الحالي غير محين و لا يتماشى مع الوقت، و لا يتقبل أكثر من أربع صيدليات للحراسة بالليل و 7 صيدليات بالنهار، علما أن عدد الصيدليات في تزايد مستمر، حيث أنه حسب الإحصائيات الشبه الرسمية فقد ناهز العدد حوالي 360 وحدة صيدلية بطنجة.
كمال ( فاعل جمعوي) يستغرب من الحياد السلبي للجهات المسؤولة و المعنية بتامين توفير خدمة صيدليات الحراسة، وخاصة موقف السلطة المحلية و هيأة الصيادلة اتجاه الوضع الحالي القاضي بوضع برنامج أسبوعي يسمح لسبع صيدليات فقط بفتح أبوابها يومي السبت و الأحد و أربع صيدليات فقط في الفترة الليلية التي تبتدئ من الساعة التاسعة ليلا إلى غاية الساعة التاسعة من صباح اليوم الموالي.
فالأمر لم يعد مقبولا على الإطلاق لذلك وجب التفكير مليا في وضع تطبيق رقمي حديث، يتم تزويده بمعطيات حديثة حول عدد الساكنة و الصيدليات المتوفرة بكل مقاطعة، و بالتالي يعمل هذا التطبيق على معالجة هذه المعلومات لاختيار و توزيع الصيدليات حسب كل مقاطعة على الأسابيع و الشهور.
زيد (مدون فايسبوكي) يرى أن إثارة هذا الموضوع يجب أن ينخرط في نقاشه جميع الفعاليات المدنية و السياسية و النقابية بالمدينة، لأن الأمر يتعلق بمصير حياة المواطنين، خاصة الحالات المستعجلة و الأمراض المزمنة. لذلك فمتى ستظل المدينة بهذا العدد القليل من صيدليات الحراسة ؟ فعلى السلطات أن لا تكتفي بدور المتفرج باعتبارها المسؤولة عن صحة المواطنين و حقهم في الوصول إلى الأدوية، و أن تتحمل مسؤوليتها لضمان الأمن الصحي للمواطنين، من خلال ممارسو الضغط على هيأة الصيادلة بطنجة بالإسراع في انجاز دراسة ميدانية من طرف مكتب دراسات مختص يستحضر فيه جميع التحولات الديمغرافية و العمرانية في أفق العشرين سنة على الأقل.
هيثم (متتبع للشأن المحلي) فمن خلال رصده و تتبعه لكل ما يتعلق بالتدبير اليومي للمدينة، فإنه قد لمس هذا التراجع في خدمات صيدليات الحراسة على مستوى تواصل مكتب نقابة الصيادلة الحالي مع الساكنة، الذي لم يكلف نفسه بإحداث موقع الكتروني يعرض فيه البرنامج اليومي و الأسبوعي و الشهري لصيدليات الحراسة بالمدينة، أو العمل على إنشاء تطبيق بالهواتف الذكية يسهل على مستعمليه إشعارهم بأسماء صيدليات المداومة و كيفية الوصول إليها بسلاسة دون عناء البحث عنها بين أطراف المدينة، علما أن هذه الهيئة لا تعاني من أي مشاكل مالية تمنعها من الاستثمار في التواصل عبر منصات التواصل الاجتماعي و الالكتروني، ناهيك عن اختفاء أنشطتها الإشعاعية و المواطناتية خلال السنتين الأخيرتين…