طنجة: في سياق الحديث عن النموذج التنموي الجديد و الطرد التعسفي شركة “أمانور” نموذجا
حسن الحداد
في سياق الحديث عن النموذج التنموي الجديد ، وعن تلبية المطالب الشعبية و التجاوب مع تطلعات المواطنين، يبقى ما يجري في طنجة من ضرب للحريات النقابية و لحقوق العمال و العاملات شكلا آخر من أشكال الانفصام الفظيعة بين شعارات دولة الحق و القانون و حماية الحقوق ، وبين واقع الاحتقان الكبير الذي تعرفه مدينة طنجة ، خصوصا في ظل شركات أجنبية لا تعير أي اهتمام لحقوق العمال و مطالبهم ، و تعتبر الحق الدستوري في التنظيم النقابي خطا أحمر يستوجب الطرد و التسريح الجماعي للعمال و العاملات و خصوصا داخل المناطق الحرة.
فبعد شهور من طرد مجموعة من العمال و العاملات في شركتي ديلفي و فولسفاكن ” سيفن” ، عرفت طنجة العمالية طرد تعسفي آخر، للكاتب العام للمكتب النقابي لعمال شركة أمانور، عبد اللطيف الرازي ،كاستمرارية لمسلسل التضييق على الحريات النقابية بالمدينة، و استهداف العمل النقابي داخل شركة اعتبرت تجربتها النقابية تجربة رائدة في مدينة تمكنت بوحدتها و نضاليتها و صمودها من إفشال مجموعة من المحاولات الرامية إلى التخلص من عمال الشركة و وأد هذه التجربة النقابية و ضرب كل المكتسبات التي حققها العمال بنضالهم دفاعا عن مصلحتهم و الصالح العام للمدينة.
الحكاية بدأت عندما تراجعت إدارة الشركة عن مكتسب التعويض عن نظام العمل بالتفويج الذي انتزعه العمال بعد معركة دامت شهورا، فقرر العمال على إثرها الدخول في احتجاجات و إضرابات لساعات داخل الشركة منذ 12دجنبر 2019، من أجل فرض استعادة المكتسبات و الدفاع عن حقهم في الإدماج في الشركة الأم “فيوليا” و برمجوا بمعية الاتحاد الجهوي ،برنامجا نضاليا تصعيديا تزامن مع الحملة الوطنية التي أعلن عنها الاتحاد المغربي للشغل طيلة شهر دجنبر دفاعا عن الحريات النقابية و ضد طرد و تسريح العمال و استهداف حقوقهم، قبل أن يتدخل والي الجهة و يتم توقيع محضر اتفاق بين المكتب النقابي و المدير العام للشركة بحضور المفتش الجهوي للشغل يوم 20يناير 2020، بدون سابق إنذار ليتبين استهتار الشركة بكل الاتفاقيات و القوانين ،ليتم التأشير على قرار الطرد التعسفي لطرد الكاتب العام لنقابة عمال شركة أمانور، احتقان متنام في المدينة خصوصا بعد إعلان عمال الشركة عن دخولهم في إضراب مفتوح عن العمل ليس فقط في طنجة بل في كل فروع الشركة بتطوان و الرباط ، وأعلن الاتحاد الجهوي عن برنامج نضالي تصعيدي يتضمن في شطره الأول وقفات احتجاجية أمام ولاية الجهة، ومقر المفتشية الجهوية للشغل أيام الخميس و الجمعة 23\24يناير 2020 ومسيرة بالسيارات في اتجاه مقر الشركة مرفوقة بوقفة أمام الطريق المقابل للشركة يوم الأحد 26يناير 2020 على أساس أن يحدد المجلس النقابي الشطر الثاني في اجتماعه الموسع يوم الأحد 26يناير 2020،إلى حين إعادة المسؤول النقابي المطرود إلى مقر عمله دون قيد أو شرط و تلبية مطالب عمال الشركة.
أجرت جريدة “لاكرونيك” حوارا مع المسؤول النقابي المطرود ،الكاتب العام لنقابة عمال شركة “أمانور” الأخ عبد اللطيف الرازي أثناء الوقفة الاحتجاجية التنديدية أمام مقر ولاية طنجة التي نظمها الاتحاد الجهوي لنقابات طنجة المنظوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل
سؤال : بداية متى تأسست شركة “أمانور” لتطهير السائل؟ و ما هي أهم المدن التي تشتغل بها ، و ما علاقة هذه الأخيرة بشركة أمانديس ؟؟؟
في البداية قبل الجواب ، أتقدم بالشكر و التقدير لجريدة “لاكرونيك” و لكل الطاقم المشرف عليها ، و تحية لكم و لقرائكم، كل التقدير للاكرونيك لخدمتها و مواكبتها للقضايا العادلة و المشروعة و الهادفة.
تأسست شركة أمانور لتطهير السائل سنة 2002،بكل من طنجة و تطوان و الرباط ، وهي فرع من فروع “فيوليا” كمثيلتها شركة أمانديس و ريضال.
سؤال : متى انتظم العمل النقابي داخل شركة أمانور واختياره للاتحاد المغربي للشغل؟؟
جواب : العمال كانوا منذ البداية 2002منخرطين نقابيا من داخل الاتحاد المغربي للشغل .
سؤال : تصدر عمال “أمانور” رقما قياسيا في نسبة الإضرابات والاعتصامات خلال السنوات الأخيرة ؟؟؟
جواب : أعتقد أن هذا السؤال يجب أن نتوجه به إلى إدارة الشركة ، إذ لم نكن و لن نكن يوما ما من هواة الإضرابات و لم نفتعل المشاكل .
سؤال : أسفر الإضراب الأخير الذي خاضه عمال “أمانور” ردا على إجهاز الشركة على مجموعة من الحقوق والمكتسبات، لترغم شركة أمانور على استرجاع بعض الحقوق وتتوج بالتوقيع على الاتفاق الجماعي(السلم الاجتماعي) وذلك بحضور الكاتب الجهوي للاتحاد وبحضور السلطة و مفتشية الشغل، غير أنه لم يمر شهر على الاتفاق ليتفاجأ عمال “أمانور” بطرد الكاتب العام للمكتب النقابي المنضوي تحت لواء umt ما الذي استجد في الموضوع؟؟؟
جواب: بالعودة إلى الوراء وإلى الإضراب المفتوح الذي خضناه سنة 2017، الذي جاء نتيجة إجهاز الشركة على مكاسب العمال ومحاولة فرض نظام التفويج رغم أن هناك اتفاقيات تنصلت لها إدارة الشركة وبموجب المعركة التي دامت ثلاثة أشهر وقعنا اتفاقية جديدة.
ثانيا مع مجيء المدير العام الجديد بدأت تلوح في الأفق بوادر التراجع عن الاتفاقية السابقة، إذ رفعت الإدارة شعار ترشيد النفقات minimisation des charges، تحفظنا على الخطوة خاصة أن” الترشيد” هم العمال وتم حرمانهم من العديد الامتيازات التي كانت موضع الاتفاقيات السابقة و تسييد خطاب ضرورة استقلال “أمانور” إداريا وماليا عن الشركة الأم “فيوليا”. حاولنا حينها التواصل مع الإدارة حول الموضوع وراسلنا الجهات المعنية، لكن عوض التراجع عن الخطوات تم تسريع وثيرة استهداف مكتسبات أخرى همت منح التفويج والنقل والساعات الإضافية ومنح المردودية مما عجل بوثيرة الغليان داخل الشركة. وقد قابلنا ذلك كمكتب نقابي بحكمة رغم الجمعيات العامة التقريرية التي سارت في اتجاه الإعلان الفوري للإضراب المفتوح .
لم نتسرع ولم تحكمنا ردة الفعل وتم تغليب لغة الحوار و في تنسيق تام مع المكتب الجهوي للاتحاد المغربي للشغل مع خوض إضرابات متقطعة، وتوجنا ذلك بالحوار تحت إشراف الولاية وتم توقيع اتفاق من داخل تفتيشية الشغل وقلنا لقد وضعت الحرب أوزارها.
لكننا نفاجأ وقبل أن يجف المداد الذي كتب به الاتفاق بمحاضر الاستماع لمجموعة من الأطر داخل الشركة وصلت إلى حدود مراسلات تعلن من خلالها الشركة عن طرد مجموعة من الأطر، انتقلنا مباشرة الاتحاد الجهوي حول المستجدات وقد تم إشعار السلطات المعنية وتدخلت لإيقاف المسلسل، فعلا تم تجميد المسطرة لكن مسلسل الاستفزازات لم يتوقف إذ تفاجأ أطر وعمال الشركة بعدما قامت باقتطاعات خيالية من أجور العمال بدون سابق إنذار. تحركنا في اتجاه مفتشية الشغل كمكتب نقابي وتم اللقاء مع مسؤولي الشركة وتمت مراجعة الاقتطاعات وأكدوا لنا بكونها أخطاء ستعالج داخل الشركة بمعاينة كل حالة على حدى بالتنسيق مع الممثلين النقابيين وقد تمت العملية.
ما إن انتهينا من مشكل الاقتطاعات حتى انتقلت الإدارة إلى السرعة القصوى بإعلان عشية فصل الكاتب العام بشكل نهائي.
سؤال: مباشرة بعد قرار الطرد في حق الكاتب العام دعا الاتحاد الجهوي لمجلس نقابي يشمل كل القطاعات المنضوية تحت لواء umt للرد على قرار الطرد…كيف ترون ملامح وأفق هذه المعركة ؟؟
جواب: هي معركة تحديد مصير عمال “أمانور” على ضوء إصرار الإدارة تفويت الشركة وتشريد 500 عائلة.