تأمين السيارات بين شجع الشركات و ثقافة المستهلك ؟؟؟
الحداد حسن
مازالت ثقافة المستهلك المغربي لم تقتنع بعد بجدوى التأمين ، و أن الوسطاء و وكالات التأمين ساهموا في عدم اقتناع بعض المغاربة بأن شركات التأمين تعوض بالفعل في حال الحوادث، مازالت ثقافة المستهلك في مجال عقود التأمين مبنية على تمثلات لا صحة لها في الواقع .
رغم تنامي الوعي بأهمية التأمين في العقود الأخيرة، لكن هذا الوعي ارتبط بإجبارية التأمين للحصول على قرض عقاري و ليس وعي وثقافة اختيارية من طرف المستهلك ، مما يجعل عقود التأمين مرتبطة بالقدرة الشرائية للمستهلك ، فهو يفضل و يختار التسعيرة المناسبة له .
قطاع التأمين لم يشمل بعد كل المجالات المرتبطة بحياتنا اليومية ، العمل ، السكن ، التأمين على الحياة….مما يجعل منتوج التأمين ضعيفا رغم توفر مؤشرات لتنمية هذا القطاع و النهوض بثقافة التأمين ؟؟
لكن هناك بعض السلوكيات و الممارسات التي يعرفها القطاع تؤثر على ترسيخ ثقافة التأمين و روابط الثقة بين المستهلك و شركات التأمين، رغم أنه يعتبر قطاعا خدماتيا واسعا و متنوعا، كالتأمين على السيارات و السكن و الكوارث و الحوادث و الحياة …و غيرها من التأمينات التي توفر غطاء الحماية و جبر الضرر.
فالتأمين على السيارات ، تقوم بموجبه شركة التأمين بتغطية الأضرار التي تلحقها السيارة بالغير ( المسؤولية المدنية ) أو الخسائر المادية التي تقع للسيارة ( انكسار الزجاج. السرقة.أضرار الاصطدام ..) بالإضافة إلى تغطية خطر الحوادث الشخصية للسائق و الركاب وفق مقتضيات عقد التأمين مع الشركة .
جرت العادة أن يدفع ملاك السيارات ثمن جهلهم بمحتوى عقد التأمين أو اختيارهم للعقد وفق تكلفته و تعريفته، فعدم الاطلاع على ما أبرموه مع مؤمنيهم، يجعلهم يتفاجؤون عند حدوث حوادث أو تعرض سياراتهم للضرر أو السرقة أو الحريق بعدم أحقيتهم في الحماية و التعويض ، بسبب عدم التدقيق و القراءة الجيدة لبنود العقد أو تجاهلهم لاختيارات مكملة، أو بسبب نقص المعلومة و المعطيات و المقترحات قبل إنجاز العقد أو لعدم توجيههم، الأمر الذي يتسبب في خلق نزاعات بين ملاك السيارات ووسطاء التأمين و وكالات القرب ، باعتبارهم حلقة الوصل بين المستهلكين و شركات التأمين الأم، وذلك بسبب خرق حق من حقوق المستهلك، الإخبار و الإعلام و الاختيار و الحصول على المعلومات اللازمة حول المنتوجات التأمينية.
و بموجب القانون يعتبر التأمين على المسؤولية المدنية للسيارات إلزاميا تحت طائلة عقوبات جزرية، فيما يخضع عقد التأمين لمجموعة من الشروط المرتبطة بنوع تأمين السيارات و عمرها و قيمتها و كذا حاجيات المؤمن له ، الذي يستطيع تقوية تغطيته ببعض الاختيارات التي يجهلها أرباب السيارات ، و يتعلق الأمر مثلا بخيار إصابة السائق الذي يتيح في حالة إدراجه في العقد تعويضات أكثر من المقترحة في الصيغة الأساسية للاتفاق بين الطرفين، و عليه يعوض السائق حسب المبلغ المحدد في العقد ، سواء في حالة الإصابة بجروح أو عجز أو وفاة نتيجة حادث سير، حتى لو كان هو المسؤول عن الحادث.
من أهم الاختيارات المفيدة و التي يجهلها ملاك السيارات خيار” تأمين 0كيلومتر ” الذي يلغي وجود امتياز الكيلومترات عند حدوث أي عطب بالسيارة.
فملاك السيارات مطالبون بدراسة خيارات التأمين التكميلية المتاحة حسب الحاجة، و الوسطاء و الوكالات عليهم تقديم كل الاختيارات بوضوح وصدر رحب و تبسيط شرح محتوى العقد و تفكيك ألغامه للمستهلك قبل توقيع الالتزام و الاختيار، ففي حالة شراء سيارة جديدة على المستهلك التدقيق فيما يعرضه عليه الوكيل حول السيارات التي يتراوح عمرها أقل من أربع سنوات ، كما يقع بعض ملاك السيارات ضحية فهمهم الخاطئ ” لحاجيات الشخصية ” و تبقى مسألة الاستفادة من منتوجات التأمين على المسؤولية المدنية على السيارات مشروطة ، مثل تعويض السيارة بأخرى في حالة عطبها، فالعديد من المستهلكين يتفاجؤون خلال حدوث عطب بسيارتهم بعدم تعويضهم بسيارة أخرى، والسبب في ذلك أنهم لم يتمعنوا جيدا في عقد التأمين أو أن الوسيط لم يفسر جيدا مقتضيات بنود العقد ، إذ يشترط في ذلك أن يتوفر المؤمن، إضافة إلى تأمين على المسؤولية المدنية على تأمين اختياريين على الأقل و ذلك حسب كل شركة و منتوجها التأميني في هاته الحالة.
يبقى قطاع تأمين السيارات بين سندان جهل ملاك السيارات و قدرتهم الشرائية و متطلباتهم العالية و مطرقة عقود شركات التأمين الملغومة و الملتوية و المكتوبة في خطوط لا يمكن قراءتها إلا باستعمال المجهر ، و بذلك يسري على قطاع تأمين السيارات ما يسرى بسوق الاستهلاك بالمغرب :
“الله يجيب الغفلة بين البايع و الشاري.”