في ظل غياب أي معطيات رسمية متعلقة بحجم الخسائر التي تكبدها قطاع تنظيم التظاهرات و الحفلات على مستوى مدينة طنجة خلال هذه الجائحة، فإن كل المؤشرات توحي بان شبح الإفلاس بدأ يهدد العديد من المقاولات المستثمرة في هذا المجال نظرا لمجموعة من العوامل الموضوعية و الذاتية التي أصبحتتتحكم في مصيرها، بدءا من استمرار حظر الأنشطة في القاعات، و مرورا بالحالة الوبائية التي تمر بها المدينة، و أخيرا و ليس آخرا بالتخوف السائد لدى عموم المواطنين من تفاقم الوضع و وعيهم بخطورة المغامرة بحياة الضيوف لحضور هذه التظاهرات و الحفلات.
“لاكرونيك” و في إطار تتبعها و رصدها للقطاعات التي تضررت من جائحة كورونا على المستوى المحلي، ارتأت هذا الأسبوعتخصيص غلاف هذا العدد لمعاناة العاملين في القطاع المرتبط بتنظيم التظاهرات و تموين الحفلات، الذي يساهم بشكل كبير في التنمية المحلية من خلال مناصب الشغل المباشرة و غير المباشرة التي يوفرها هذا القطاع الخدماتي، الذي أصبح ضرورة ملحة في الوقت الحاضر نتيجة للعبء الثقيل الذي يحمله عن المستفيدين من هذه الخدمات.
و تبعا لذلك فإن جميع الآراء التي استقيناها مباشرة من العاملين في هذا القطاع، أجمعت كلها على كون الأزمة التي يمر بها المهنيون هي أزمة غير مسبوقة على الإطلاق، بحيث انعكست بدورها على جملة من القطاعات المهيكلة و غير المهيكلة، و بالتالي بات الخروج من نفق هذه الأزمة صعبا للغاية إذ لم نقل مستحيلا حسب رأي المتضررين.
سعيد ( 48 سنة نادل) راكم تجربة طويلة في هذا العمل الموسمي، لكن لم يكن يتخيل في يوم من الأيام أن هذا النشاط سيتوقف حتى إشعار آخر، و أن أرباب العمل سيتكبدون خسائر كبيرة من حيث رقم المعاملات و العائدات، و أن حبل الإفلاس سيحوم حول عنقهم، لا سيما بعد رفع حالة الحجر الصحي التي راهن عليها الكثيرون من اجل عودة الحياة إلى هذا القطاع. لكن الإكراهاتالمادية و الاجتماعية الجسيمة تراكمت على جميع العاملين، لان هذا النشاط يعتمد على سلسلة من الحرف الصغيرة المعقدة و المتداخلة فيما بينها، بحيث تنتعش مهنة على ازدهار حرفة أخرى.
لبنى (33 سنة منظمة حفلات) تتحسر على الأيام الخوالي حينما كانت أجندة مواعيد المناسبات مملوءة عن أخرها، إذ كان يتعذر عليها تلبية جميع رغبات الزبائن. لكن اليوم فالإكراهاتالمادية قد حدت من هذا النشاط و أثرت على مداخيله منذ تفشي هذا الوباء و ما تبعه من تدابير وقائية اتخذتها السلطات العمومية. ناهيك عن بعض المشاكل التي جعلت أغلب المهنيين يتخاذلون في الوفاء بالتزاماتهم اتجاه الزبناء بإرجاعالتسبيقات المالية أو ما يسمى بالعربون، التي تم استثمارها في شراء المعدات الضرورية استعدادا للموسم الجديد للأعراس الذي ينطلق عادة في شهر أبريل. علاوة على ذلك انتهاء صلاحية المنتجات التي كانت مخزنة بالثلاجات و التي لم يتم استعمالها.
طارق (14 سنة منظم تظاهرات) يرى أن هذا القطاع يساهم بنسبة مهمة في التنمية الاقتصادية و الاجتماعية المحلية، من خلال تشغيل فئة عريضة من الشباب و الطلبة. لكن اليوم يعيش هذا النشاط موتا سريريا بفعل تداعيات فيروس كورونا عليه. لا سيمابعد أن تم تجميد جميع الأنشطة و التظاهرات و الندوات بمختلف القاعات تكريسا لبروتوكول التباعد الاجتماعي.
غير أن المغالاة في هذه الإجراءات من طرف السلطات العمومية كبد أغلبية المقاولات خسائر كبيرة انعكست على مصيرها المستقبلي دون تمييز بسبب عجزها عن تسديد الديون المتراكمة منذ دخول حالة الطوارئ الصحية حيز التنفيذ، حيث اضطر بعض المهنيين إلى بيع معداتهم لتغطية مصاريفهم اليومية لمواجهة هذه الأزمة.
بدرية (مسيرة شركة تموين الحفلات) تعتقد أنه من أجل تفادي إفلاس هذه المقاولات هو التعجيل بمنح تسهيلات و قروض بنكية للمهنيين قصد تجاوز هذه المحنة، و إعفائهم من أداء واجبات تامين العربات التي حل موعد تسديدها على الرغم من وجود هذه الشاحنات في حالة توقف دائم عن الحركة و الجولان، فضلا عن وجوب اعتماد سنة مالية بيضاء فيما يخص الضرائب المستحقة على هذه المقاولات، إضافة إلى تأجيل استحقاق القروض السابقة و إعادة جدولتها.