خلقت قضية الشاب بلال حلحول هذا الأسبوع جدلا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي، و بالتالي كانت فرصة مواتية للأغلبية الساحقة لتوجيه سيلا من الانتقادات و المؤاخذات على العاملين بالمركز الجهوي لتحاقن الدم بطنجة، الذين رفضوا استقبال المتبرعين بالدم لفائدة الشاب بلال حسب تصريحاتهم لوسائل الإعلام التي تواجدت بعين المكان لتغطية هذا الحدث.
“لاكرونيك” رصدت هذه الآراء الناقمة على طريقة العمل التي أصبح يسير بها هذا المركز الصحي، مقابل تسجيل جهل الأغلبية من المحتجين للآليات التي تنظم عملية التبرع بالدم و كيفية استفادة ذوي المرضى من الأكياسالدموية، حسب بعض الأطقم الطبية، لاسيما مع النقص الحاد في بعض العينات من الدم التي تطرح إشكالياتعديدة للعاملين بهذا المركز نتيجة عدة إكراهات و عوامل موضوعية و ذاتية متعلقة أساسا بالموارد البشرية و اللوجيستيكية و الاعتقاد السائد لدى العديد من المواطنين بأن الدم يخضع لعملية البيع و الشراء.
و تبعا لذلك حاولنا في هذا المقال نقل جميع الآراء بكل تجرد و موضوعية مستأنسين بدليل التبرع بالدم بالمغرب الذي أنجزته جمعية المتبرعين بالدم بالجهة الشرقية و بتمويل من وزارة الصحة.
سعيد يرى أنه إذا المواطنون تبرعون بالدم لإنقاذ الأرواح، فلماذا يباع في المستشفيات ؟ و عليه يجب أن يكون مجانا ليحصل صاحبه على الأجر، لذلك لا يقبل المواطنون على التبرع بالدم لأن مراكز تحاقن الدم لا تتوفر على الشفافية و بالتالي فقد فقد المواطن الثقة في هذه المراكز لأنها باتت تتاجر في دمهم و عندما يحتاجه لا ترحمه.
نجاة بدورها لم تفوت الفرصة و ألقت بلومها على المشرفين المركز الجهوي لتحاقن الدم في المعاناة اليومية التي يعيشها أهل المريض من أجل الحصول على كيس للدم من نفس فصيلة هذا الأخير باشتراط جلب 50 إلى 60 متبرعا حتى تتم الاستفادة.
لذلك وجهت المتحدثة ذاتها نداء عاجلا إلى المسؤولينبضرورة إنشاء بنك للدم يتبرع فيه المواطنون بالدم و يعطى لهم عند الحاجة أو تنشأ له فروعا في جميع المستشفيات و تقوم الوزارة المعنية بوضع الخطط اللازمة لضمان الحاجيات الكاملة للمواطنين المرضى من الدم و بكيفية مجانية أو بثمن رمزي لا يتعدى درهما واحدا…حتى يستعيد المواطن الثقة التي فقدها في كل شيء. فكيف تريدون أن يتبرع المواطن بالدم و هو يعلم مسبقا أن في كل إدارة عمومية “مافيات” تتاجر بمآسي المواطنين.
و بالنسبة للثلاثيني رياض فاعتبر أن منع المتبرعين من التبرع بالدم لفائدة الشاب بلال من طرف المشرفين على هذا المركز هو نوع من مصادرة بعض الحقوق في ظل المحسوبية و الزبونية المستشرية بهذا المركز الذي بات وصمة عار على مدينة طنجة نظرا للطريقة المزاجية التي يتم بها التعامل مع الوافدين على هذه المؤسسة و ذوي المرضى المحتاجين لأكياس الدم، بدءا من التوقيت المتأخر التي يتم فيه فتح المركز و ساعة إغلاقه أمام العموم، و مرورا بالمعاملة الدونية، و أخيرا و ليس آخرا الاستهتار بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم في إنقاذ حياة المرضى.
عبداللطيف حكى بمرارة كبيرة تجربته مع هذا المركز حينما اشترط عليه أحد العاملين وجوب إحضار عدد كبير من المتبرعين مقابل منحه كيس دم لوالدته المريضة بعد إصابتها بنزيف دموي للتأخر بإسعافها بالدم، حيث كانت مصابة بفشل كلوي. لذلك يتساءل المتحدث ذاته عن المغزى من وجود هذا المركز إذا لم يتم إسعاف المحتاجين للدم في الوقت المناسب ؟ في ظل الترويج الإعلامي لحملات التبرع بالدم التي تبقى شعارا للاستهلاك الإعلامي فقط.
مقابل ذلك يرى الأمين (اسم مستعار) أن هناك مغالطات كبيرة في هذا الشأن و يتم بها تغليط الرأي العام بخصوص موضوع كيفية الحصول على أكياس الدم من المركز الجهوي لتحاقن الدم بطنجة، الذي باتت تتعرض فيه الأطقم الطبية و التمريضية و الحراس الأمنيين لوابل من التعنيف اللفظي و أحيانا الجسدي من طرف أسر المرضى، فضلا عن تدخل بعض جمعيات المتبرعين بالدم في مهام و اختصاصات الطاقم الطبي، لأن ظروف العمل أضحتمستحيلة في ظل الاعتقاد السائد لدى أغلبية المواطنين أنالدم يباع و لا يمكن لأي مريض الحصول عليه إلا بالمقابل.
فالحقيقة أن ما يؤديه المواطنون عند استفادتهم من أكياسالدم هو مقابل الخدمات الصحية التي تقوم بها الدولة لتهيئ الدم المتبرع به و مصاريف إجراء التحاليل الضرورية للتأكد من خلوه من الأمراض التي تنتقل عن طريق الدم قد تصل إلى 1500 درهم.
و أن المبالغ المؤداة بعد الاستفادة من أكياس الدم تستخلص من طرف الدولة و منظمة بنص قانوني صادر سنة 1995 المتعلق بالتبرع بالدم البشري و أخذه و استخدامه.
فالمادة السادسة من هذا القانون واضحة و تنص على ما يلي:
التبرع بالدم مجاني و لا يجوز أن تدفع عنه للمتبرع أيأجرة كيفما كان نوعها.
و يترتب على تسليم الدم و البلازما و خثارات الكريات الحمراء و خثارات الصفيحات تحصيل مقابل يتضمن جزء فقط من تكلفة التحاليل المخبرية المنجزة من أخذ الدم في أكياس مكلفة، ثم إجراء الفحوصات المختبرية عليه و حفظه و توضيبه.
لذلك فحفظ و تخزين كيس البلازما قد حدد في سنه كاملة تحت درجة حرارة 33-، أما الصفائح الدموية فيجب تخزينها في درجة حرارة 22+ و لها ثلاجة خاصة بها و مدة صلاحيتها لا تتعدى 5 أيام، في حين كريات الدم الحمراء فمدة صلاحيتها لا تتجاوز 42 يوما تحت درجة حرارة لا تتجاوز 4+.
و بالنسبة للأثمنة التي حددها هذا القانون فهي كالتالي:
دم كامل : 360 درهم
كيس الكريات الحمراء: 360 درهم
كيس الصفائح: 298 درهم
كيس البلازما: 298 درهم