الحقيقة بدون غربال..بين الآم النفس واكراهات الواقع…
الحدث جلل …يتطلب منا التأمل جليا في واقع القطاع بعيدا عن التجاذبات بكافة انواعها سواء كانت سياسية او استرزاقية وبعيدا عن محترفي ركوب الاحداث الكثر للاسف.
قطاع النسيج بالمغرب ينقسم الا قسمين:
1 _ قطاع (منتج تسويقي) وهو اللذي تنمتي اليه الشركات اللتي تسوق منتوجها بنفسها سواء بالسوق المحلية او الخارجية وينقسم بدوره الى فئتين متناقضتين تماما حيث تبرز الشركات الكبرى اللتى تحترم كل دفاتر تحملاتها وشروط الصحة والسلامة اللتي تتعامل مع الشركات العالمية وتتمركز معظمها بالمناطق الصناعية وفئة اخرى للشركات الصغرى اللتي تنتشر هنا وهناك بين شوارع وازقة طنجة واللتي تستهدف السوق المحلي بحيث تكون اغلبها لا تخضع لدفاتر تحملاتها وحتى العمل يكون بها وفق العرض والطلب وكذا الطلبيات الموسمية (كاالاعياد والدخول المدرسي وتقلب الفصول )..
2_قطاع النسيج(بالمناولة)وهو بدوره ينقسم الى فئتين..
الفئة الاولى اللتي تظم كل الشركات الكبرى اللتي تتعامل مع الماركات العالمية مباشرة بعقود مناولة تكون مهمتها فقط تجميع المنتج بعد توصلها بكل الخامات من الشركات اللتي تتعامل معها ،وهذه الفئة كلها خاضعة للتفتيش الفجائي( اوديت) مما يجعلها تخضع لكل دفاتر تحملاتها وشروط الصحة والسلامة . أما الفئة الثانية فيمكن تسميتها القاعدة الخلفية للفئة الاولى حيث تلجأ اليها هذه الأخيرة عند تلقيها طلبيات اكثر من عملائها فتكون مظطرة للاستعانة بهاته الشركات الصغيرة المنتشرة في بعض شوارع المدينة ….
كهذا نكون قد وضحنا خريطة القطاع بعيدا عن شطط الكلمات اللتي تشير اليه بدون معرفة مسبقة ولا تحري مهني اللهم اثارة منشودة..
نعود الى الفاجعة حيث تشدقت بعض المنابر الوطنية او الأجنبية ان الشركات العالمية تستغل هذه الشركات الصغرى في إنتاجها لأوضح للجميع وبحكم انني اشتغل في هذا الميدان منذ اكثر من 30سنة ان هذا الاتهام عار من الصحة وان هذه الشركات لاتتعامل الا مع نضيراتها بالمغرب اللتي تخضع لنظام الجودة العالية والحاصلة على الشهادات اللتي تخول لها ذالك ..
هنا لابد من التساؤل حول الدافع اللذي يجعل شريحة كبرى من العمال تشتغل في هذه الشركات اللتي لاتحترم دفاتر تحملاتها ولا تستوفي شروط الصحة والسلامة حيث يستغل الكثير هذا الموضوع للركوب عليه لاجندة ما او غرض ما في نفس يعقوب بحث تطل علينا احيانا خرجات اعلامية تصف ارباب المعامل الكبرى بالجشع واستغلال العمال علما انها تستوفي كل الشروط اللتي تنص عليها القوانين المعمول بها كالحد الادنى للأجور وساعات العمل السنوية ، علما ان كل الشركات تعرف نقصا حادا للعمالة في ذروة
الحركة الاقتصادية العالمية حيث تكثر الطلبيات الموجهة اليها بعد المنافسة القوية على اليد العاملة من قطاعات اخرى كقطاع السيارات اللذي استقطب الكثير من العمال على حساب قطاع النسيج.
بالتقرب الى هذه الفئة اللتي تفضل الشركات الصغيرة على نضيرتها المصنفة نجد ان اغلب هؤلاء يفضلون الأجر الزائد اللذي يجدونه بها دون اي اقتطاع ما سواء لصندوق الضمان الاجتماعي او التأمين الصحي، حيث يفضلون عدم التسجيل او الانخراط في هذه المؤسسات الاجتماعية وتلقي كتلة اجور سوداء عوض الالتحاق بالشركات الكبرى والاستفادة من هذه الميزات الاجتماعية، لتبقى التساؤلات حول اسباب هذه الظاهرة اهي تصرفات اجتماعية نابعة عن ظروف الحياة المعيشية الصعبة اللتي تجعل من العامل يفكر في كتلة اجره الزائدة اول كل شهر واعدامه تغطيته الصحية وتقاعده أم اسباب اخرى تترك لاصحاب الاختصاص.
اذا كانت الفاجعة دامية للقلوب واسالت الكثير من المداد وكثر اللغط عن الأسباب والبحث عن المسؤوليات فإن الوقت قد حان لرؤية شاملة لهيكلة كل القطاعات والقواعد الخلفية لها قصد تجنب المزيد من هذه النكبات واجتثاث المثبطات وتقييد المسؤولية بالمحاسبة…علما ان جائحة كروونا قد عصفت بالكثير من المقاولات الصغرى والمتوسطة بل والعديد من الشركات الكبرى مهددة بالاندحار وإن كانت برامج الدعم اللتي اطلقته الدولة (اوكسجين )(انطلاقة) قد ابقى على بعضها تقاوم اعصار الوباء والاكراهات الا ان المستقبل القريب في ظل عدم وضوح الرؤية العالمية في الموضوع قد يكون حالكا لتتجه الكثير منها إلى رفع الراية البيضاء وتلقي رصاصة الرحمة …
رحم الله شهداء لقمة العيش …عزاؤونا واحد…لغد افضل