التاريخ أساس بناء المستقبل
لا يمكن بناء مستقبل لمجتمع ما بدون بناء حاضره ، و الحاضر لا يتصور أبدًا بناءه بدون ماضي ، مناسبة هذا الكلام ، استخفاف مسئولينا بشواهد ماضينا و تاريخنا ، و التعامل معها كأشياء ثانوية يمكن طمرها ، أو تركها للإهمال ، هذا الواقع الذي يؤلمنا حقيقة عندما نعلم أننا نتحدث عن تاريخ مجيد و ضارب في عمق التاريخ لوطن و مدينة .
بعد سنوات من المطالبات ، استبشرت ساكنة طنجة خيرا بتحرك السلطات أخيرا لإنقاذ ما تبقى من شواهد تاريخية لهذه المدينة الأسطورية ، لكن ما إن بدأت أشغال التهيئة و الترميم هذه ، حتى بدا أنها لن تنقذ إن فعلت ، إلا جزءا بسيطا من تراث المدينة و الأخطر أنها تنقذه وفق قانون الإسمنت ، ترميم التراث التاريخي لا يمكن أن يتم بتشويه هذه الشواهد باستعمال الاسمنت ، في كل العالم متفق بين المختصين و المهتمين أن الترميم يتم ما أمكن ذلك بواسطة نفس المواد و بالحفاظ على نفس الشكل الأصلي ووفق إستراتجية واضحة ومدروسة ، و على يد مختصين ، فقط عندنا يمكن لأي شركة أشغال بناء ، و لأي عمال بناء مهما كان تكوينهم أن يقوموا بكل عشوائية بترميم شواهد تاريخية من عمق التاريخ ، و باستعمال الإسمنت ، و عندنا فقط عندما تفاجئنا عند الترميم شواهد تاريخية لم تكن في الحسبان ، نتجاهلها أو نعيد طمرها ، (وعين ما بكات وقلب ما وجع ) ، هذا ليس ترميما ، بل هو فقط صرف كيفما اتفق لميزانية مخصصة للترميم ، و بكل عشوائية ، و ليس حفاظا على جزء هام من تاريخنا للأجيال المقبلة ، لأنه سيصلهم إن فعل مشوها ومنقوصا ، ما يعني أننا نفشل بناء المستقبل من خلال ما نفعله في الحاضر ، من تدمير و تشويه لماضينا .
سؤال مقصود له علاقة بما سبق ؛ أين تبخر جزء من المدافع التاريخية للمدينة؟!.